ولي العهد: فرص ضخمة في المملكة للشركات البريطانية

أكد في حوار مع «التلجراف» أن الشعبين السعودي والبريطاني سيكونان أكثر أمنا بعلاقة البلدين القوية
أكد في حوار مع «التلجراف» أن الشعبين السعودي والبريطاني سيكونان أكثر أمنا بعلاقة البلدين القوية

الثلاثاء - 06 مارس 2018

Tue - 06 Mar 2018

أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في مقابلة حصرية لصحيفة التلجراف البريطانية أن المملكة هي مفتاح النجاح الاقتصادي في المنطقة بسبب موقعها المهيمن. وقال في حواره للكاتب كون كوغلين: نريد أن نحارب الإرهاب، ونريد محاربة التطرف لأننا بحاجة إلى بناء الاستقرار في الشرق الأوسط. نريد نموا اقتصاديا سيساعد المنطقة على التطور.

ووصفت الصحيفة الأمير محمد بن سلمان المسؤول عن تنفيذ أكبر أجندة إصلاح جذرية في تاريخ بلاده، بأنه الرمز للطاقة البشرية.

ويشرع ولي العهد، غير الراضي بتحويل اعتماد السعودية طويل الأمد على ثروتها النفطية الهائلة فقط، في الوقت نفسه في إصلاح المعايير الاجتماعية في البلاد.

وفي واحد من أكثر الإصلاحات بروزا سيسمح للنساء بالقيادة في غضون أشهر قليلة.

ويستعد الأمير محمد البالغ من العمر 32 عاما، المعروف بـ MBS، للقيام بأول زيارة رسمية له كولي للعهد إلى بريطانيا اليوم، كما أنه متحمس للآثار الواسعة للرؤية 2030 – برنامجه الطموح لإعادة هيكلة اقتصاد البلاد – على اتجاه بلاده في المستقبل.

التحرك بحرية

وقال ولي العهد إنه يأمل في أن تكون الشركات البريطانية قادرة على الاستفادة من التغيرات العميقة التي تحدث في بلاده بعد إتمام مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف «نحن نعتقد بأن السعودية بحاجة إلى أن تكون جزءا من الاقتصاد العالمي. إن الشعب بحاجة إلى أن يكون قادرا على التحرك بحرية، كما أننا بحاجة إلى تطبيق المعايير المماثلة لبقية دول العالم». وأردف: بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون هناك فرص ضخمة لبريطانيا نتيجة للرؤية 2030.

وكان ولي العهد الأمير محمد، الذي يبدو مرتاحا في ردائه العربي الطويل بني اللون، يتحدث في محل إقامته الفخم في الضاحية الخاصة من حي عرقة غرب الرياض.

وفي السابق، وعندما التقيت بولي العهد، كان يتحدث باللغة العربية بشكل رئيسي، ولكنه اختار في هذه المناسبة أن يجيب على أسئلتي باللغة الإنجليزية بالكامل.

وتطرق بشكل موسع إلى تأكيد العلاقة الخاصة القائمة بين بريطانيا والمملكة الصحراوية، التي تعود إلى أكثر من 100 عام، وإلى الوقت الذي ساعد فيه النقيب وليام شكسبير، المستكشف البريطاني، في رسم خريطة المناطق المجهولة في الجزيرة العربية والتي تشكل الآن جزءا من السعودية.

علاقة عظيمة

وقال «إن العلاقة بين السعودية وبريطانيا هي علاقة تاريخية وتعود إلى تأسيس المملكة، كما أن لدينا مصلحة مشتركة تعود إلى الأيام الأولى من العلاقة. إن علاقتنا مع بريطانيا اليوم هي علاقة عظيمة».

وخلال الأيام الثلاثة الأولى من زيارة ولي العهد إلى بريطانيا سيلتقي تيريزا ماي وغيرها من الوزراء البارزين، وكذلك سيجتمع بأفراد من العائلة المالكة.

وكان ولي العهد، الذي عين في يونيو الماضي في منصبه الجديد من قبل والده الحاكم السعودي الملك سلمان، أعطي المهمة الشاقة المتمثلة في قيادة مجموعة واسعة من الإصلاحات تهدف إلى تلبية احتياجات وتطلعات الشعب السعودي، والذي يعد أغلبه من الشباب.

ونفذ الأمير محمد عددا من الإصلاحات الرامية إلى جعل البلاد عصرية بشكل أكثر وتخفيف القيود تدريجيا على حقوق المرأة.

وبصرف النظر عن السماح لهن بالقيادة اعتبارا من يونيو المقبل، فإنه سيسمح للنساء الآن بإدارة أعمالهن الخاصة وحضور مباريات كرة القدم، وسيسمح للأزواج الشباب الاستمتاع بالمتع البسيطة مثل الذهاب إلى دور السينما معا.

خدمة الحرمين الشريفين

وقال ولي العهد «إن الناس في السعودية يسافرون إلى دول مثل بريطانيا ويرون طريقة مختلفة للحياة».

إن التغييرات الهائلة في المملكة العربية السعودية في يومنا الحالي أصبحت واضحة بالأدلة خلال زيارتي لإجراء المقابلة مع ولي العهد، إذ خلال زياراتي إلى السعودية وكتاباتي عنها خلال 30 عاما حتى الآن، كنت على دراية بالقانون المحافظ الذي يحكم جميع جوانب الحياة الاجتماعية.

وتحمل أسرة آل سعود الحاكمة مسؤوليتها في خدمة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة على محمل الجد.

وكما أوضح أحد الدبلوماسيين فإن تحسن نمط الحياة الذي يحدث في السعودية يسير جنبا إلى جنب مع برنامج رؤية 2030 الاقتصادية للبلاد. وقال الدبلوماسي»إنهما مرتبطان ارتباطا وثيقا». وأضاف «يمكنك القول إن الإصلاحات الاقتصادية تقود لتحسن الحياة بشكل عام».

وحصلت هذه التغييرات بالتأكيد على استحسان الوزراء البريطانيين. ويقول وزير الخارجية بوريس جونسون إن النقاد لا يفهمون بشكل صحيح التغييرات الجارية في البلاد، مبينا أن الحكومة السعودية تقوم حاليا تماما «بنوع الإصلاحات التي لطالما تمناها الناس».

ومن أهم الخطوط الرئيسة لأجندة رؤية 2030، التي يخطط السعوديون من خلالها إلى تنويع اقتصادهم بعيدا عن اعتماده التقليدي على النفط، جمع الأموال من الأسواق العالمية عبر بيع حصة من شركة النفط المملوكة للدولة «أرامكو السعودية»، التي يعتقد الخبراء الماليون أنها من الممكن أن تحصد حوالي 100 مليار دولار للمملكة.

وتقدم بورصة لندن عرضا قويا للفوز بالتعويم، إلا أنها تواجه منافسة قوية من مقدمي العروض الآخرين، خاصة نيويورك التي تحظى بتأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

الدفاع والاستخبارات

يقول المسؤولون السعوديون إنه لن يتم الإعلان عن أي قرار خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان هذا الأسبوع، ولكن هناك آمالا متزايدة أنه في حالة سير الزيارة بشكل جيد فإنها ستعزز آفاق لندن، فضلا عن تعزيز العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والسعودية.

ويشير الدبلوماسيون البريطانيون إلى أن تجارة المملكة المتحدة مع السعودية ودول الخليج تصل إلى نحو 10% من إجمالي التعاملات التجارية - أكثر من إجمالي حجم التجارة مع الصين ـ ومن الممكن أن يزيد هذا الرقم بشكل كبير إذا استفادت الشركات والمشاريع البريطانية استفادة قصوى من الفوائد التي يمكن أن توفرها رؤية 2030.

وهناك بعد مهم آخر لزيارة ولي العهد يتعلق بالتعاون في قضايا الدفاع والاستخبارات، التي تعد واحدة من الدعائم الأساسية الدائمة للعلاقة بين المملكة المتحدة والسعودية.

ومن المقرر أن يعقد ولي العهد اجتماعات خاصة مع رئيسي جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5) ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6)، إضافة إلى دعوته لحضور اجتماع مجلس الأمن القومي، وهو امتياز من النادر أن تحظى به الشخصيات الخارجية الزائرة.

وقال ولي العهد «إن الشعبين البريطاني والسعودي، بجانب بقية العالم، سيكونان أكثر أمنا إذا كانت لديك علاقة قوية مع السعودية». ويعتقد أنه من خلال تعزيز نظرة إسلامية أكثر اعتدالا في بلاده وتمثل الإسلام الحقيقي، فيمكن للسعودية أن تلعب دورا بارزا في هزيمة التطرف المستوحى من حركات التطرف الإسلامي. وقال «إن المتطرفين والإرهابيين مرتبطون من خلال نشر أجندتهم». وأضاف «نحن بحاجة إلى العمل لترويج الإسلام المعتدل».

ويعتقد ولي العهد أن استمرار التعاون الوثيق بين الرياض ووكالات الاستخبارات الغربية، مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني، أمر حيوي لكسب هذه المعركة، حيث إن السعوديين قادرون على توفير المواد الخام، في حين أن خبراء الاستخبارات الغربية يملكون المهارات اللازمة لتحليلها.

ويؤمن ولي العهد بأن النمو الاقتصادي في السعودية سيفيد بقية المنطقة، وبالتالي فإنه سيساعد في هزيمة التطرف.

وقال الأمير محمد بن سلمان «نريد أن نحارب الإرهاب، ونريد محاربة التطرف، لأننا بحاجة إلى بناء الاستقرار في الشرق الأوسط. نريد نموا اقتصاديا سيساعد المنطقة على التطور. وبسبب موقعنا المهيمن فإن السعودية هي مفتاح النجاح الاقتصادي في المنطقة».

حملة تطهير الفساد الواسعة

ومع أن ولي العهد حظي بالدعم بسبب نهجه الطموح في الاستمرار في تطبيق أجندته الإصلاحية، إلا أنه كذلك لديه منتقدوه الذين يتهمونه بمحاولة القيام بالكثير من الأمور بجرأة وفي وقت مبكر جدا.

وفي العام الماضي تم احتجاز ما يقارب 380 من بينهم أمراء، في حملة واسعة للتطهير من الفساد. وقال الأمير «بريطانيا تؤيدنا جدا في مخاوفنا المتعلقة بإيران وغيرها من مسائل الأمن الإقليمي. وهي دائما حليف وبصفنا». وأكد ولي العهد حاجة بلده إلى القيام بالمزيد من أجل تحسين سجله في حقوق الإنسان، وقال «نحن لا نملك أفضل سجل في حقوق الإنسان، لكننا نتحسن، ولقد أحرزنا تقدما كبيرا في وقت قصير».

وبعد زيارتهم لبريطانيا سيتجه ولي العهد ومرافقوه إلى فرنسا ثم إلى الولايات المتحدة، حيث يخطط الأمير محمد بن سلمان لأخذ جولة كبرى حول البلد مدتها أسبوعان، بما في ذلك زيارة لوادي السيليكون، التي ينظر لها كزيارة مهمة كون الأمير يطمح لتطوير صناعة التكنولوجيا محليا.

وختمت الصحيفة حوارها بالقول: مع وجود هذا القائد الشاب في السلطة فإنه من الواضح أن الآفاق المستقبلية الإيجابية للسعودية لا تعرف أي حدود.

محرر الصحيفة عن ولي العهد:

- في السابق عندما التقيت بولي العهد، كان يتحدث باللغة العربية بشكل رئيسي، ولكنه اختار في هذه المناسبة أن يجيب على أسئلتي باللغة الإنجليزية بالكامل

- مع وجود هذا القائد الشاب في السلطة فإنه من الواضح أن الآفاق المستقبلية الإيجابية للسعودية لا تعرف أي حدود