مرزوق تنباك

موافق والدفاع عن القيم الأكاديمية

الثلاثاء - 06 مارس 2018

Tue - 06 Mar 2018

ندب أخونا الدكتور موافق الرويلي نفسه نائبا عاما للدفاع عن القيم العلمية والأكاديمية في العالم العربي، واختار في دفاعه أخطر ما يمكن أن تبتلى به العملية التعليمية وهو التزوير والتزييف للشهادات الجامعية والعمل بها أو التلقب، ووضع دفاعه وحججه تحت وسم مشهور (هلكوني)، واتخذ من تويتر صحيفته الناطقة باسم النيابة العامة التي يديرها ضد الفساد العلمي.

وبدأت مرافعاته بجهد فردي غير عادي وبقدرة وصبر لا مثيل لهما، طاف المواقع الالكترونية وبحث عن مصادر الزيف والشبهات ومواقع بيعها ودكاكين الوراقين التي امتلأت بها تلك الصفحات، وقد كان لدفاعه وحماسته نتائج ليست في صالحه، منها أنه عرض نفسه وصحته وضحى بوقته وحتى سلامته في بعض الأحيان في هذا المجال المحفوف بالمخاطر الكبيرة، وما دفعه إلى المخاطرة إلا إخلاصه وتفانيه لمهنته الأولى، مهنة التعليم المقدسة، وغيرته على مستقبل وطنه وأبنائه.

وبدأ يكشف فضائح بعض المصابين بهوس الألقاب في بعض الحالات، وبطلب الارتزاق في حالات كثيرة، لم يكن حديثه عنهم رجما بالغيب كما يقولون، ولكن حدد الأسماء والصفات والدرجات والعلامات التي يحتاجها كدليل على ما يقول.

كنت متابعا له ومعجبا بجهده ومقدرا لغيرته على الوطن وأبنائه من أن يكونوا ضحية حب المظاهر الكاذبة، وكتبت عن إعجابي بما يعمل في أكثر من مقال في هذه الجريدة وفي غيرها، ومن وسائل النشر التي يطلع عليها الناس، خاصة أهل الاختصاص والمسؤولين عن التعليم الغيورين على سلامته ونقاء سيرته وسريرته الذين يوكل إليهم شأن التعليم، حتى لا يتسرب إلى مواقعهم هؤلاء المزيفون أو بالأصح المزورون الذين يرتادون مواقع الشبهات ويحملون منها الشهادات أو ما يظنونه شهادات، يدفعون قليلا من الدراهم بلا جهد لمنافسة من يقضون الليالي والسنين في تحصيل العلم الحقيقي والمعرفة من مصادرها المشروعة ومؤسساتها المعتبرة والمعترف بها عالميا.

كنت أظن أن ما يعلنه الدكتور موافق في موقعه من توثيق لتلك الأماكن المشبوهة التي تقدم الشهادات الوهمية لمن يستطيع أن يدفع الثمن المطلوب كافيا لتهب الجهات المسؤولة عن التعليم في العالم العربي عامة وفي دول الخليج خاصة، فتتخذ موقفا رسميا وشجاعا، وتدفعها وتدفع

القائمين عليها إلى ساحات القضاء لينال كل منهم جزاءه الذي يستحق للغش والتزوير والتدليس على الناس، لكن شيئا من هذا لم يحدث، ولم يحرك أحد ساكنا.

الوضوح الذي يضعه الدكتور موافق الرويلي أمام المسؤولين لا يترك لهم حجة التجاهل أو التغافل، ولا حتى الشك في مصداقية ما يورد من معلومات، فهو غير محترز فيما يذكر، حيث يورد الاسم الوهمي للجهة التي تبيع الشهادات كالجامعة الأمريكية في لندن مثلا أو جامعة كلومبس أو غيرهما من أماكن بيع الشهادات الكرتونية، ويورد أسماء الأشخاص الذين اشتروا منها شهاداتهم ويزود القراء بسير ذاتية لكل من يكتب عنهم، وأكثر من ذلك يحدد المكان الذي يعمل فيه الأشخاص حملة الشهادات الوهمية مما لا يترك عذرا لما يقدم الرجل من معلومات موثقة.

ولم يستجب أحد من المسؤولين عن النظام التعليمي لما يقدم من معلومات تدين الأشخاص الذين حدد أسماءهم بكل وضوح ولا الجهات التعليمية التي توظفهم، والأمر لا يحتمل إلا تفسيرا واحدا، هو أن المسؤولين لا يصدقون ما يعرض من معلومات أو يشكون في صحتها وفي هذا الحال لا يجب التجاهل، بل الواجب التحقق من صحة المعلومات واتخاذ ما يجب نحوها.

شيء محير أن يعلن الدكتور موافق على الملأ أسماء المزيفين والوهميين الذين تحتضنهم الجامعات الخليجية وكليات التعليم، والمعنيون صامتون. إما أن يكون ما يقول غير صحيح وهنا يجب أن ينصف المتضررون وترفع عنهم الشبهات التي ألصقها بهم ويعلن ذلك، أو صحيح ما يقول فيكون صمت الجامعات ومراكز الدراسات تخليا عن المسؤولية وتهاونا بالعملية التعليمية وغشا للطلاب الذين يتلقون العلم عن من لا يحسنه.

الحظر الذي تتعامل به بعض الجامعات أو حتى بعض المسؤولين فيها لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، وسلامة التعليم أولى وأهم من غيره، ونظافة دور التعليم ممن لا يحسنه أو يتوسل إليه بغير وسائله واجب وطني قبل كل شيء، وعدم معالجة ما يقال عن حملة الأوهام وتسللهم إلى التعليم العالي والعام وكشف الحقيقة خطأ غير مغفور.