الشرف الخالد

السبت - 03 مارس 2018

Sat - 03 Mar 2018

لم تقم الأمم وترتق منذ القدم إلا بالتضحية الفذة من أبنائها البارين المخلصين، أبطال أبوا أن يكون وطنهم محل ذل وانكسار للعدو.

أمجاد أمم عانقت السحاب وحاربت من أجل دين، وشرف، وكرامة، كان للشهيد فيها وقفات وذكريات مجد وفخر وعزة له ولوطنه ولمحبيه. تراب الوطن تراب غال نفيس لا ترويه إلا دماء طاهرة، كل قطرة منها تنادي بحب الوطن.

وما يمر به وطننا في هذه الفترة من حرب ضروس ضد الحوثي، هذا العدو الغادر الذي يتربص لديننا ولأمننا ولعروبتنا بدعم من إيران الإرهابية، يتطلب منا جميعا وقفة وطنية حازمة، وقفة نغرس في نفوس أبنائنا دائما وأبدا أن الوطن عز، والدفاع عنه واجب، وأمنه مسؤولية، والاستشهاد في سبيله جنة. نخبرهم بجزاء شهيد الوطن في الدنيا والآخرة، نخبرهم أن الأموات لا يعودون، ولكن الشهيد حي باق عند ربه ينعم بخيرات الجنة ونعيمها، نال شرف الشهادة في الدنيا واستحق وسام العز. قال سبحانه وتعالى في محكم آياته «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون».

نخبر ابن الشهيد أن أباه لم يمت، ولم يتركه وحيدا خائفا منكسرا، بل ترك له وطنا يرعاه، وطنا يفخر به.

نخبر أم الشهيد أن فلذة كبدك رحل بشرف، وترك لك بشارة الجنة، الجنة التي طالما دعوت بها في صلاتك، وأخلصت في دعائك، وأي جنة! «الفردوس الأعلى».. رحل حبيبك يا أماه تاركا لك أملا بلقاء أجمل، وأنقى، وأطهر.

ستستمر أم الشهيد بدعائها بأن يحفظ الله هذا الوطن آمنا مطمئنا، وستواصل تضحياتها، وستقطع عهدا على نفسها بأن ما وهبها الله من أبناء هم هدية لوطن لن يعوض.

إن سجلات التاريخ ستظل تسجل لشهيد الوطن ملاحم البطولة والبسالة، وستحكي وقفاتهم وبطولاتهم. سنظل نذكر شهداء الحق والواجب أزمانا طويلة.

عندما نتحدث عن رعاية حكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، لأسر الشهداء رعاية يطول الحديث عنها لما تحويه من كرم ونبل، تشمل جميع جوانب الحياة من حوافز مادية وتسهيلات وتسديد قروض وديون وتوفير مساكن، والحرص على تحقيق الحياة الكريمة لهم. وطن بهذا الكرم والعرفان بالجميل ألا يستحق التضحية؟

ولكن ما واجبنا نحن كتربويين تجاه أبناء الشهداء في مؤسساتنا التعليمية؟ في البداية هو الاحتواء حتى ننسيهم مرارة الفقد، ونغدق عليهم من الحنان والحب، ويجب أن تطغى مشاعر الفخر على مشاعر المواساة، وأن نعزز قيمة الوطن والشهيد في نفوسهم.

نرسل لهم في كل صباح رسائل إيجابية تخبرهم بأن الشهداء هم فخر يتجدد، ومثل يحتذى، وذكر خالد سيذكرهم الوطن طويلا، وستذكرهم أجيال قادمة، تخبرهم بأن لهم بإذن الله غدا مشرقا في وطن آمن، شامخ، ومجتمع محب ينظر لهم بكل حب وفخر.

فهنيئا لكم يا أبناء الشهداء بهذا الشرف الخالد المتوارث.