عبدالله الجنيد

رسائل الرياض

السبت - 03 مارس 2018

Sat - 03 Mar 2018

الجولة المقبلة لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إلى كل من بريطانيا والولايات المتحدة تأتي في توقيت خاص لتبيان موقف الحليف من الشريك التجاري. وقد استبق سموه تلك الزيارة التي حُضر لها طويلا بمقابلة خاصة من جريدة الواشنطن بوست نشرت في 28 فبراير 2018. ربما كان الهدف منها إيصال رسالة بأن المملكة عازمة على المضي قدما في مشروع الإصلاح والتنمية الوطنية، وكذلك تأكيد تسنمها موقع الدولة المركزية المحفز على الاستقرار في المنطقة.

الطاقة النووية والتنمية الاستراتيجية القائمة على توطين المعرفة ستكونان على رأس جدول الأعمال خلال زيارته للعاصمتين. وليس بخاف ممارسة أكثر من طرف في الولايات المتحدة لضغوط على إدارة ترمب للتريث في نقل تكنولوجيا الطاقة النووية إلى السعودية لتخوفها من ممارسة الرياض لاستقلالية أكثر في صياغة سياسات أكثر استقلالية عن واشنطن قد تكون متعارضة معها مستقبلا. وربما أن استخدام سمو ولي السعودي لتوصيف «العلاج بالصدمة» في تعليقه على إعادة هيكلة وزارة الدفاع ووزارات المملكة الخدمية هي إشارة واضحة لواشنطن بأن الاستقرار السعودي يقع خارج إطار إمكانية الاستهداف بكل الأدوات الممكنة.

واشنطن تدرك كذلك حيوية الانخراط السعودي في استراتيجية إعادة الاستقرار للمنطقة، خصوصا في ملفي العراق وسوريا، إلا أن الارتجال الأمريكي في ملف القدس سيستوجب التفاهم عليه خلال هذه الزيارة لاحتواء تأثيرات ذلك القرار على رؤيتهما المشتركة للاستقرار المستدام.

أما فيما يخص مواجهة التهديدات الإيرانية للاستقرار في المنطقة، فإن على الولايات المتحدة إما أن تمارس ما وعد به قائد القيادة المركزية الجنرال جوزيف فوتيل أمام الكونجرس الأمريكي يوم 27 فبراير الماضي «إننا نملك احتواء السياسات الإيرانية بأدوات غير مباشرة»، أو أن يترك أمر ذلك للدول المعنية بعد فشل المجتمع الدولي في الاضطلاع بواجبه حيال ذلك.

التنمية الاستراتيجية والاستقرار المستدام في المنطقة قد يمثلان رؤية مشتركة، ولكن على واشنطن إدراك أن بعض مصالحنا القومية قد تتعارض وبعض سياساتهم في المنطقة، وأن استراتيجيتها في احتواء إيران يتحمل العرب تكلفتها السياسية منذ 2003. أما فيما يتعلق بارتهان التنمية المستقبلية باشتراطات سياسية، فإن ذلك لم يعد ممكنا الآن والمنطقة باتت منفتحة على أكثر من خيار للشراكة الاستراتيجية في توطين المعرفة أو في إنتاج كل أشكال الطاقة المتجددة بما في ذلك النووية.

المملكة العربية السعودية عازمة على الاستمرار في سياساتها الداعمة للاستقرار في فضائها العربي والجيوسياسي، ويشترك معها في ذلك أكثر من شريك استراتيجي من الشرق وأوروبا، ويتقاسم هؤلاء وإيانا ثمار الاستقرار، وكذلك مصادر التهديدات المستقبلية لمصالحنا المشتركة. لذلك على واشنطن أن تكون أكثر إنصاتا للرياض، وأن تمارس البرغماتية السياسية في كافة الاتجاهات.

aj_jobs@