الانفتاح في المملكة نحو مجتمع أكثر حداثة

الجمعة - 02 مارس 2018

Fri - 02 Mar 2018

تساءل الكاتب دافيد إغناتيوس في مقال نشر في واشنطن بوست أمس الأول عن حقيقة الإصلاحات التي يجريها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، قائلا: لا يمكن للزائر عند سماعه لرسالة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تشدد على مواكبة العصر إلا أن يظل يفكر فيها: هل هذا الأمر حقيقي؟ هل مقترحات القائد الشاب للتغيير مدعومة من قبل القيادة الدينية والعامة في هذا البلد المحافظ تقليديا؟

دعم الإصلاحات

وقال إغناتيوس إن التنبؤات الموثوقة عن المملكة أمر مستحيل على الغريب. ولكن بإمكاني عرض بعض نقاط البيانات التي قمت بجمعها خلال زيارتي للمملكة، حيث إنني سمعت دعما قويا للإصلاحات من الشباب السعوديين الذين أجريت معهم مقابلات في الشوارع، وكذلك من عالم دين بارز.

أجندة التحولات

وتظل مسألة نجاح MBS، كما يعرف، في أجندته التحولية سؤالا مفتوحا. ولكنه يحظى بدعم علماء معروفين مثل الشيخ محمد العيسى الذي أصبح رئيسا لرابطة العالم الإسلامي المدعومة من السعودية في عام 2016. وأيد الشيخ العيسى الذي تحدث عبر مترجم سلسلة من التحركات الأخيرة التي أجراها ولي العهد، والتي قال بأنها مدعومة من زملائه العلماء، أو القيادة الدينية العليا.

وبدأ العيسى حديثه عن القضية الرمزية المتعلقة بقيادة المرأة للمركبة، والتي سيسمح بها ابتداء من يونيو. إذ قال العيسى إن قيادة المرأة للمركبة لم تكن أبدا قضية دينية. إنها تتعلق بالعادات والثقافة.

وأضاف «أراد المتطرفون ربط هذه القضية بالدين» ولكن العديد من العلماء «رحبوا بالقرار». كما قال العيسى بأن علماء الدين دعموا على نحو مماثل التحرك نحو إصلاح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكون متوافقة مع مقاصد الشريعة.

المرأة والعباءة

كما صرح العيسى بآراء متسامحة حول لباس المرأة. وقال إنه إذا كانت المرأة في العالم الإسلامي تلبس عباءة سوداء أو نقاب الوجه «ليس بالأمر المهم». ولكنه قال إنه يجب على المرأة في جميع الدول الإسلامية أن تستمر بتغطية شعرها ولبس الحجاب الشرعي المتفق عليه من الجميع في باقي البلاد الإسلامية.

وردا على سؤالي حول توقعات بعض المحللين في أنه ستكون هناك ردة فعل دينية متطرفة ضد هذه التغييرات، قال العيسى إن هذا الرأي «غير صحيح على الإطلاق»، موضحا أن زملاءه من العلماء يقبلون بأن «هذه التغييرات ستساعد على فهم أفضل وعلى تطوير المجتمع بشكل عام».

الإسلام الراديكالي

يذكر أنه يوجد للموقف السعودي الجديد ضد الإسلام الراديكالي جانب عملي أيضا، وهو ما رأيته في زيارة قمت بها يوم الاثنين إلى مركز عالمي جديد لمكافحة الأيديولوجية المتطرفة، والمعروف باسم اعتدال. حيث يجلس تحت قبة عملاقة مئات من المحللين على شاشات الكمبيوتر، يشاهدون حركة وسائل الإعلام الاجتماعية العربية بحثا عن علامات دعم للمجموعات المتطرفة. وهذا يعطي انطباع مراقبة «الأخ الأكبر» المزعجة بشكل طفيف، ولكنه يحقق أن يصبح السعوديون أكثر صرامة حول مكافحة التطرف في وسطهم.

ولكن ما رأي السعوديين العاديين في هذه التغييرات؟ أفضل طريقة وجدتها للوصول إلى آرائهم خلال زيارتي القصيرة كانت عبر التوجه إلى مجموعة من الشباب السعوديين في منطقة عامة وسؤالهم عن آرائهم. وحدث ذلك في مقهى خارجي في الثغر بلازا شمال غرب الرياض.

استطلاع آراء

من المؤكد أن هذا لم يكن استقصاء علميا. ولكن جميع الشباب أعربوا عن حماسة عفوية بشأن تغيير الطرق القديمة، حيث قال راكان الدوسري (26 عاما)، والذي يعمل مرشدا في مدرسة ثانوية محلية، بشأن حملة مكافحة الفساد «هذه هي بداية العدالة. الأمير يعتبر مثل أي مواطن آخر. إنه أمر يبعث على السرور!».

وقال عبدالعزيز الفرج (29 عام) ويعمل كأمين صندوق في أحد المصارف «العالم كله آخذ في التغير. ليس من المفاجئ أن تتغير المملكة».

وقال شاب يدعى مصعب إنه بالإضافة إلى عمله المصرفي، فقد افتتح للتو متجرا لبيع ملحقات الهواتف النقالة، وهو عمل كان يهيمن عليه الوافدون اليمنيون. وأوضح الفرج: في الماضي القريب لم يكن السعودي العادي يفكر في بدء نشاط تجاري، وقد كان كل ما يريده الحصول على وظيفة حكومية.

هذا هو الباب الذي يبدو أنه آخذ في الانفتاح في المملكة، نحو مجتمع أكثر حداثة، أكثر ريادة للأعمال، وأقل صلابة، وموجها بشكل أكبر نحو مجتمعات الشباب. إنها عملية من الأعلى إلى الأسفل، في الوقت الراهن. ولكنها بدأت تكتسب الزخم مع مرور الوقت.