عبدالله المزهر

حتى لا تكون هيئة الإحباط المركب!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 01 مارس 2018

Thu - 01 Mar 2018

بحكم أني من تلك الديار، وبقليل من العنصرية فإن أكثر ما أفرحني في الأوامر الملكية الأخيرة هو إنشاء هيئة عليا لتطوير منطقة عسير. وهذا الأمر له دلالات عدة، أهمها إيمان القيادة العليا أن «التطوير» رداء يجب أن يغطي كل أعضاء الوطن. فسكان الرياض أو جدة أو الدمام أو بيشة أو دومة الجندل أو شرورة أو الطائف أو أي بقعة تحمل اسما في الوطن الكبير هم مواطنون لا يختلفون عن بعض في أي شيء، ويجب أن يحصلوا جميعا على ذات القدر من الاهتمام. لأنهم جميعا متساوون في العطاء، وكلهم عليهم ذات الحقوق، فالمواطن في خرخير وتثليث وتهامة يدفع ذات الرسوم والضرائب التي يدفعها المواطن في العاصمة. لكنهم ينتظرون أشياء مختلفة، فأحدهم ينتظر «المترو» وشبكات النقل، وآخر يحلم فقط بطريق معبد، ومستشفى قريب يموت فيه بسلام.

وفكرة وجود هذه الهيئة في حد ذاتها خطوة للأمام بغض النظر عما سيحدث من هذه الهيئة لاحقا. وأظن أن سعادة أهل المنطقة بالاهتمام أكبر من توقعاتهم من هذه الهيئة الوليدة. ولعلي أحلم معهم بأن يكون اهتمام هذه الهيئة منصبا على تطوير المنطقة بطريقة تخدم سكانها الذين يعيشون فيها طوال فصول السنة، وألا يتم النظر إليها على أنها فقط مكان يقصده السياح والباحثون عن الأجواء الباردة في أشهر الصيف، لأن كثيرا من الخدمات هناك فكرتها الأساسية هي خدمة الزوار، أما الأهالي فإنه يمكنهم تدبر أمورهم بأنفسهم.

وأظن ـ وأرجو ألا يكون ظنا آثما ـ أن الاهتمام بالمستشفيات والطرق هو لب التطور الذي يحلم به ويتخيله أهل منطقة عسير، ثم يمكن أن يأتي بعد ذلك الحديث عن التطوير الاستثماري والسياحي، وغيرها من الأمور التي وعلى رغم أهميتها إلا أن غيابها لا يتسبب في موت أحد.

والطرق التي يريدها الناس هناك هي الطرق الاسفلتية الجيدة فقط، أما القطارات فإنهم مقتنعون بأنهم لن يشاهدوها إلا في الحدائق والملاهي، وهذا جيد في الوقت الراهن على الأقل.

وليس مفهوما ـ بالنسبة لي على الأقل ـ أن تكون كل تلك المنطقة الكبيرة المساحة والسكان خالية من مشفى حقيقي متخصص. فيضاف إلى عناء المرض ووعثاء السفر للبحث عن العلاج شمالا.

وعلى أي حال..

هذه مطالب تنطبق على عسير وعلى غيرها بالطبع، لكني عنصري ـ كما تعلمون ـ. ثم إني سأنتقل من العنصرية الكبرى إلى تعنصر أصغر قليلا، وأقول إني أتمنى أن تضع هذه الهيئة في اعتبارها، ـ وأظنهم سيفعلون ـ أن منطقة عسير لا تعني مدينة أبها وضواحيها فقط، لأن هذا إن حدث فلن يعني سوى «الإحباط المركب» لبقية مناطق ومدن المنطقة.

agrni@