عبدالله المزهر

الجزيرة التي تعرفون.. موعظة في ملهى!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 28 فبراير 2018

Wed - 28 Feb 2018

نقلت الجزيرة ـ أي القناة التي تعرفون ـ تصريحا عاجلا لوزير خارجية إيران ـ أي الدولة التي تعرفون ـ يقول فيه: النظام السعودي متورط بجرائم حرب في اليمن.

ولعلها مناسبة سانحة لأجيب عن سؤال طالما لاحقني وهو: كيف يمكن كتابة نص ساخر؟

وهذا أمر ربما كان في فترات مضت يحتاج إلى موهبة خاصة وقدرات أكثر من مجرد القدرة على الكتابة وصياغة الكلمات. لكن هذه الدنيا كما قال أبو البقاء الرندي «ولا يدوم على حال لها شان»، فقد تغيرت الأساليب والأفكار وأصبحت الكتابة الساخرة سهلة وميسورة ولا تحتاج إلى كثير من الجهد والتفكير ولا دقة في التركيز ولا سرعة في البديهة.

نشرات الأخبار أصبحت نصوصا ساخرة فخمة، والخبر أعلاه مثال على ما أقول، لأنه لا يمكن استساغته ولا بلعه ولا هضمه إن نحن نظرنا إليه كخبر في قناة إخبارية، لكن الخبر نفسه ودون أي تعديل بالحذف أو الإضافة ولا حتى في علامات الترقيم يمكن أن يعتبر نصا ساخرا بديعا يزرع الابتسامة على شفاه المكتئبين البائسين الباحثين عن السعادة. لأن هذا الخبر وفي هذه القناة وعلى لسان ذلك المسؤول أشبه بلافتة معلقة على باب بار أو ملهى ليلي مكتوب فيها آيات تحريم الخمر.

والحقيقة أني لم أكن من عشاق قناة الجزيرة منذ أن بدأت لأني لا أحب مشاهدة نشرات الأخبار، ولأني لست مقتنعا كثيرا بأكذوبة «الاستقلالية وحرية التعبير»، وكانت كرة القدم وحدها هي التي تبقيني على صلة بهذا الاختراع الجميل ـ أعني التلفزيون الذي تعرفون ـ. لكن الأشياء تتغير والأفكار تتبدل كما قلت آنفا، ولا يدوم شيء على حاله. ولذلك فإني في الآونة الأخيرة أحاول متابعة بعض برامج هذه القناة بين الفينة والأخرى. بدأت أجدها قناة ساخرة أكثر من كونها أي شيء آخر، ولذلك ـ عزيز المشاهد ـ حين يعييك البحث عن شيء ينتزع ابتسامتك رغما عن أحزانك وهمومك، فإن خيار قناة الرأي والرأي الآخر خيار متاح وموجود على مدار الساعة. وحين تجد أنك بحاجة لتتعلم كتابة النصوص الساخرة، فاكتب أخبار هذه القناة بيدك، ثم أقرأها، جرب ذلك أكثر من مرة وستجد أنك في آخر المطاف تكتب بطريقة أفضل من برنارد شو وجلال عامر.

وعلى أي حال..

قد يقول قائل أو يتساءل ملقوف، وماذا عن القنوات الإخبارية الأخرى، هل تصلح أخبارها لتكون نصوصا ساخرة؟ وأظن أن الإجابة هي نعم، لكنها ليست بذات القوة، لأنها لم تدع حرية الرأي والاستقلالية وبقية الأغنية التي تعرفون. ولذلك فإنها ستبدو «مستظرفة» أكثر من كونها ظريفة بالفعل. القناة التي تدعي الحياد والمصداقية ثم تبيع المواقف بالجملة والمفرق حسب اتجاه السوق ستكون أكثر ظرفا من غيرها بالطبع.

@agrni