مستقبل وظائف التجزئة

الأربعاء - 28 فبراير 2018

Wed - 28 Feb 2018

مع تقدم التكنولوجيا وتطبيقات الهواتف الذكية، نستطيع أن نجزم بأن النمو سيكون سلبيا على الوظائف الحالية بالأعمال التقليدية مثل التجزئة ومحلات التسوق، فكثير منا لديه تجارب أولية في الشراء عن طريق الانترنت وستزداد هذه التجارب مع الوقت، فحتى لو قاومنا الاعتياد على التسوق، فأبناؤنا وبناتنا لا يستهويهم إلا الشراء عن طريق الانترنت.

خلال سنتين أو ثلاث سنوات (عام 2020) سيحل علينا ضيف جديد وهو «تقنية الجيل الخامس» أو الـ 5G والذي سيغير كثيرا من سلوكنا في الشراء والتعاملات الحياتية خصوصا عندما تبلغ هذه التقنية النضوج في حوالي عام 2025م.

بعض التطبيقات التي يعمل عليها الآن هي ممكنات وتجارب تعمل عليها الدول المتقدمة وبعض الدول المثابرة، فالجميع يعمل على برامج التسوق عن طريق الانترنت، وشركات تعمل على سيارة بدون سائق، وشركات تعمل على أجهزة «الدرون» وهي جهاز الكتروني شبه طائر صغير يوصل الأكل من المطعم للمنزل، وشركات تعمل على المدن الذكية، وشركات تعمل على المنزل الذكي، حيث يستطيع الشخص إعداد طعامه وغسيل ملابسه قبل توجهه لمنزله عندما يكون في عمله، وكثيرا من الأمثلة التي يحمل لنا المستقبل مفاجآتها.

ماذا سيحدث للوظائف الحالية؟ محلات الملابس والأحذية والعطورات والمكياج والمطاعم والتوصيل وغيرها من الوظائف التقليدية والتي أصبحنا نحرص على جعلها الفرص الأكثر إتاحة من غيرها لتوظيف أبنائنا وبناتنا؟ ربما أبسط مثال نستطيع أن نتذكره هو وظائف للخطوط السعودية والتي كانت فروعها في مدننا جميعها، قلصت الآن وأصبحت الحجوزات عن طريق التطبيقات والدفع آليا، واندثر كثير من تلك الوظائف.

بالطبع وظائف كثيرة ستندثر، ووظائف ستتولد، ولكن الفرق أن الوظائف التي ستندثر تقليدية ولا تحتاج إلى مهارات ومعرفة متقدمة، أما الوظائف التي ستتولد فبالتأكيد ستكون وظائف لتشغيل البرامج الذكية ومساندتها وبالتأكيد تحتاج إلى مهارات ومعرفة عالية.

يجب أن ندرك أهمية المعرفة والعلم المتقدم وأنهما شرط أساسي للتحول للوظائف الجديدة، فالاستعداد لن يكون فقط لتحويل العاملين الحاليين، بل أيضا على الشباب والشابات الذين سيدخلون سوق العمل في المستقبل القريب.

وزارة التعليم والجامعات تعمل على تطوير التعليم منذ أكثر من عقد من الزمن، ولكن للأسف ليس هناك نتائج تواكب التطلعات، والمحاولات لا تزال قائمة وهذا يتطلب الدعم والمساندة والمشاركة، وإن شاء الله نصل إلى درجة نستطيع أن نتيقن بأننا بدأنا بالطريق السليم.

كذلك العاملون حاليا وهم في بدايات حياتهم العملية بحاجة إلى برامج مكثفة لإعادة التأهيل للحاق بالركب مستقبلا، وأكاد أجزم بأن هذا الملف لم يطرح ولم نقرأ عن أي مبادرات تساهم في الرقي للمستويات المأمولة ببناء مراكز تطوير للعاملين، ربما نرى أن هذا ليس بأهم من الصعوبات التي نواجهها حاليا في التوظيف، ولكن المستقبل سيكون أصعب طالما أننا لم نبدأ بمواكبة الأحداث بعين المستقبل.

البلد ليست بحاجة للمواكبة فقط بل بحاجة للتميز، فالتحديات ستكون أصعب بكثير والكثافة السكانية ستكون أكثر ومنها زيادة في عدد الطالبين للوظائف، ويقابلها في الاتجاه المعاكس تطور كبير في الأتمتة وتحويل كثير من الوظائف إلى أعمال آلية بالأجهزة الالكترونية.

«رؤية المملكة 2030» تتطلع للتميز ومقارعة الدول المتقدمة ومواجهة التحديات، ولكن مع الأسف المبادرات التي تعمل عليها الوزارات فقط تعني الحاضر. وزارة «العمل» تعمل على التوطين للأعمال الحالية، ليس لأنه أفضل الخيارات بل لأنه الخيار الوحيد، ولكن التطلعات ستكون بأعمال ومبادرات يجب أن تقوم عليها وزارات أخرى كـ «الصناعة» و«الاتصالات وتقنية المعلومات» و«التعليم والجامعات»، فمستقبل بناء الوطن في أيديهم ونحن بحاجة لقراءة مبادراتهم وبرامجهم ومراحل متابعة تنفيذها.

Barjasbh@