عبدالله المزهر

الهياطنية

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 27 فبراير 2018

Tue - 27 Feb 2018

في الحقيقة أيها الناس أن لعبة التصنيف بدأت تستهويني شيئا فشيئا، والتصنيف ليس أمرا سيئا على إطلاقه.

من الأسباب التي جعلتني أرغب في أن أكون «مصنفاتيا» يشار إليه بالبنان هو أني عانيت ـ ليس كثيرا ـ من كوني الشخص الذي يتم تصنيفه، وأظن أنه لم يبق تيار أو فصيل أو مجموعة لم يتم إدخالي في عضويتها بناء على «مزاج» المصنف ورغبته وأهدافه. وقد جربت تقريبا جميع القوالب الموجودة، ليبرالي، علماني، سلفي، إخواني، صحوي، حتى الهلاليون يصفونني بأني نصراوي، والنصراويون يقولون بأني لست سوى هلالي متنكر.

والمشكلة أن كل هذه التصنيفات تقال على سبيل «الشتيمة». لم يسبق أن وضعني أحد في تصنيف على سبيل الإشادة والثناء. وهذا أمر محبط لأني ـ كما تعلمون ـ إنسان يحب أن يمدحه الناس، ولا سلطة لي تجبرهم على كيل المدائح.

سبب آخر جعلني أرغب في العمل كمصنفاتي محترف هو أني احترت في وصف النزعة «التويترية» التي تجتاح فئاما من المغردين والمغردات، والتي ترغب في فناء أي جنس غير سعودي الأصل أو المنشأ، وحالة التنمر المفرط على كل مسؤول أو مواطن يذكر تلميحا أو تصريحا مفردة «التجنيس».

توجد تصنيفات جاهزة ولكني أريد ابتكار شيء جديد، لأني من «الصنف» الذي لا يحب تقليد أحد.

النازية ـ على سبيل المثال ـ من القوالب الموجودة وهي ـ كما تعلمون ـ «أيديولوجية مبنية على العنصرية والتشدد ضد الأعراق الأخرى، وكذلك على علو أجناس بشرية معينة على أجناس أخرى. وآمنت بقمع وحتى بإبادة الأعراق الدنيا، والحفاظ على «طهر» الأعراق العليا».

وكذلك فإن «الشوفينية» يمكن أن تكون خيارا جيدا وقد جاء في تعريفها «هي الاعتقاد المغالي والتعصب لشيء والعنجهية في التعامل مع خلافه، وتعبر عن غياب رزانة العقل والاستحكام في التحزب لمجموعة ينتمي إليها الشخص والتفاني في التحيز لها». ويمكن اعتبارها بإيجاز أنها الوطنية المفرطة والعدائية. والشوفيني كما وصفه أحدهم «أعمى يؤمن بأن الإبصار مرض».

لكني لا أريد تصنيفات مستوردة ومستعملة، خاصة أني قد تحدثت بالأمس عن أن الاستيراد ليس أمرا جيدا في كل الأحوال.

أفكر في مصطلح مثل «الهياطنية» وهي كلمة منحوتة من الوطنية والهياط، وهما أمران يفترض ألا يجتمعان، فحب الوطن غريزة ودين وعقيدة لكنه لا يعني كراهية الآخرين وأوطانهم، ولا الاستعلاء عليهم ولا احتقارهم. ولا يعني أن «الجنسية» تعني البراءة من كل عيب ورذيلة. لكن حب الوطن يعني كل ذلك لدى «الهياطنيين».

وعلى أي حال..

لعله من المناسب أن أعلن عن انتمائي الحقيقي، فقد تعبت من محاولة التملص من كل هؤلاء الذين يريدون فضح حقيقتي، أنا «ترابي» ـ نسبة للمادة التي صنعت منها ـ ثم إني مسلم سعودي اتفاقي، أحب القراءة والكتابة والأفلام والأصوات الجميلة، وأكره الحلاقين، وإشارات المرور، والتحدث في الهاتف.

@agrni