عبدالله المزهر

الماء المؤدلج المنسكب من السماء!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 25 فبراير 2018

Sun - 25 Feb 2018

جاء في لسان العرب عن المطر: هو الماء المنسكب من السحاب، وهو مفرد جمعه «أمطار»، هذا هو الأمر بكل بساطة، ماء وسحاب وأرض وطين، المطر أجمل من أن يحتمل أكثر من هذا. هو كما قال البدر يوما:

«عشق جمع ما بين قاع وغيمه سيل على صدر الثرى دمع الأمزان»

لكننا بلينا بأقوام يرون في كل شيء مشكلة، ويفتعلون شجارا لأي سبب، والغيث كما أظنكم تعلمون رحمة الله في الدنيا للخلق جميعا، المؤمن والكافر والعاصي والمطيع والمحسن والمسيء.

ويبدو عصيا على الفهم أن يتحول المطر إلى قضية يتصارع حولها المتأدلجون، وعلى حد علمي فإني لم أسمع بشيء مثل هذا من قبل، والحمد الله الذي أمد في عمري حتى رأيت أبناء وطني يفتعلون شجارا حول المطر، وكل فريق يظن أن المطر خاص به وأن الآخر مجرد متطفل يستفيد من «رحمة» لا تخصه.

وهذا تطور في «صناعة الدجة»، فقد كانت كلمة للمطر أو الماء المنسكب من السحاب ترتبط ذهنيا بالجمال بفتح الجيم والرحمة والغيث والرعي والزرع والحصاد. ثم إن إنسان هذه البقعة الجغرافية تطورت مفاهيمه قليلا فأصبحت الأمطار أيقونة ترتبط بمشاريع الوهم والفساد ووهن البنية التحتية وقضايا السيول وباقي القصة التي تعرفون والتي تتكرر في كل عام كأنها العيد.

ثم شاء الله أن يمل هذا الإنسان من هذه القصة المكررة، ولأنه لم يعد مهووسا بالرعي والزرع فقد تفتقت أذهان «بعض الناس» عن فكرة جديدة. تقوم على أساس التقوى والضلال، وأن برامج هيئة الترفيه سبب وجيه لانقطاع الأمطار. مع أن مواسم الجدب والجوع والقحط ليست جديدة وعرفها الكائن البشري قبل أن يتعلم الغناء.

ويقابل هؤلاء فريق آخر كان ينتظر المطر ليس طلبا للرحمة ولا حبا في الجمال بالفتح ولكن حتى يشمت في الفريق الآخر ويقول بأن السبب الرئيسي لهطول الأمطار هو إضافة لمسة رومانسية لأنشطة هيئة الترفيه.

وبعد أن كان يتخيل بدر بن عبد المحسن أن «صوت المطر كنّه تعاتيب خلان» أصبح من الجائز في عالم الأدلجة والصراع من أجل الصراع، أن يصبح «صوت المطر كنّه سواليف طرشان».

وعلى أي حال..

لم أتحدث عن تعليق الدراسة بصفته أحد الأشياء المرتبطة ذهنيا بالأمطار لأنها قضية لا تخص المطر وحده، فالمطالبات بتعليق الدراسة لا تخص وقتا محددا ولا طقسا بعينه، هي مستمرة أبدية سرمدية في كل وقت وفي كل حين، وقد يدمنها الناس إلى الحد الذي يجعلهم يطالبون بتعليق الدراسة لأن الأجواء جميلة، وأن في بقاء الطلاب والمعلمين في المدارس أثناء الأجواء الجميلة انتهاك لحقوقهم وعدم مراعاة لمشاعرهم. ثم يتبنى مسؤول تلك المطالب لأن ذلك سيجعله «أيقونة الإخلاص» لدى شريحة عريضة من المواطنين والمواطنات، المعلقين والمعلقات.

@agrni