عبدالله قاسم العنزي

لا يقضي القاضي وهو غضبان

السبت - 24 فبراير 2018

Sat - 24 Feb 2018

إن موضوع مقالي عن قاعدة فقهية وحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان» وفي رواية أخرى «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان»، ومشكلة الغضب نشاهدها في بعض الأحيان في أروقة القضاء تتمثل برفع صوت القاضي في مجلس القضاء على أحد المتخاصمين أو كليهما بعدما ينزع القاضي قبعة القضاء ويلبس قبعة المحقق! بينما المطلوب من القاضي الموازنة والبحث والنظر في الأدلة والبينات والوقائع للوصول إلى الحق، والأفضل من وجهة نظري لمن يواجه هذا النوع من القضاة أن ينسحب خارج الجدال داخل الجلسة، وأن يناقش دعواها أو دفوعه بموضوعية بقدر الإمكان مع القاضي الذي أدخل الجلسة في فوضى انفعالية لا يستطع الفرد أن يفكر فيها بشكل منطقي.

وإن معنى الحديث المشار إليه سابقا يدور حول النهي عن القضاء في حالة الغضب وما في معناه؛ لأن الغضب الشديد يغطي العقل ويجعل القاضي في حالة اضطراب تزول معها الروية وحسن التفكير والنظر في الأدلة والبينات، كما أن الغضب ليس منهيا عنه مطلقا فهو غريزة بشرية، ولكن احتياطا من الرسول صلى الله عليه وسلم للحكم بأن يوافق الصواب والحق ويحقق الغاية منه وهو العدل بين الناس.

ونصيحتي لبعض القضاة الذين يعانون من سرعة الانفعال أن يبحثوا عن أسباب سرعة الغضب وانطلاق الصوت الجهوري منهم مع أول ردة فعل! لأن الانفعال يدخل ضمن التصرفات والسلوكيات المعتادة عند الإنسان فيتحول التعبير بالصراخ أو المناقشة بالصوت العالي سمة اعتاد عليها

الإنسان وهو لا يشعر بذلك، فقد تكون الأسباب ضغوط العمل أو عدم الصبر على جهل أو تلاعب بعضهم بالكذب، أو عدم نقل القاضي إلى المنطقة التي يرغب فيها إلى غيره من الأسباب التي لو بحثها القاضي مع نفسه لتبصر في ذاته واستطاع أن يكتسب عادة الحلم والأناة، وفي تقديري ليس من المقبول أن يحاول القاضي إظهار سلطته في مجلس القضاء من خلال رفع الصوت والزجر لأحد المتقاضين دون مسوغ شرعي، فسلطة القضاء وهيبته موجودة في النفوس لا تستلزم هذا السلوك غير اللائق من شخص فرضت عليه مكانته سلوك الحلم والانضباط والروية والتأسي في قضائه بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم.