عبدالغني القش

مكاتب تسويق العقارات.. من المسؤول؟!

الخميس - 22 فبراير 2018

Thu - 22 Feb 2018

‏عجيب السكوت عن الفوضى في مسألة بيع العقارات، التي أصبحت حرفة من لا حرفة له؛ فالبعض يسوق عقاراته من خلال سيارته، أو من خلال هاتفه، بوضع لافتات على بعض العقارات، والبعض الآخر من خلال ما يعرف بـ»الصنادق»، وهي مكاتب مصنوعة من الحديد أو الخشب، وفي الغالب تكون مهترئة ومتهالكة، والمضحك أن يجلس المالك لها خارجها، وهي متنقلة يحملها حيثما أراد وفي كل مخطط جديد، في منظر يعج بالفوضى ولا يمت للتحضر بصلة، هذا على الصعيد المحلي، وأعني بذلك تسويق العقارات في داخل البلاد، والعجيب أن المنظر يتكرر في كل مدينة ومحافظة.

أما على الصعيد الخارجي، فالأمر لا يبتعد كثيرا إلا في الصورة الخارجية، المكاتب والأفراد والمنظر الذي من شأنه جلب المشتري، فتنتشر بين الفينة والأخرى مكاتب لتسويق العقارات خارج البلاد ويعتمد أسلوبهم على تسويق عقاراتهم ببث رسائل نصية تصل لأناس معينين يكون من شأنها الانبهار بالأسعار وجلبهم لرؤية التفاصيل.

‏وهنا تأتي الدهشة وتتسع دائرة التعجب، فهؤلاء يفعلون ما يحلو لهم بعيدا عن ‏كل أنواع الرقابة، فلا رقيب ولا حسيب!

ويتم جلب المتسوق إما بعملية عدم إلزامه بدفعة أولية، أو بالأقساط المريحة ولسنوات طويلة أو بدفعات ميسرة وبمبالغ ربما لا يوجد لها أي نظير في بلادنا!

‏والعجيب أنه عندما يأتي المتسوق سوف يجد أن هذه المكاتب ليست تحت أي مظلة رسمية، وبدوري قمت بسؤال بعض المعنيين كوزارة التجارة والغرف التجارية الصناعية، وبعض الجهات الأخرى ذات العلاقة وتنصل الجميع من المسؤولية، بل ذكر بعضهم بالحرف الواحد أن ذلك ليس من اختصاصه!

‏وما زالت هذه الشركات تمارس بيع العقارات التي ربما كان البعض منها وهما محضا، ولأن المسألة باتت مجالا للفوضى فقد باتت الإعلانات تملأ الآفاق، حتى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل علني، تماما كما هو حال مكاتب تسديد الديون، وكم من أناس تم التغرير بهم، وذهبت أموالهم؛ لأنهم باختصار سال لعابهم ووجدوا أن العملية مجرد تحايل للحصول على أكبر قدر من الأموال.

وتتسع دائرة التعجب عند استخدام العامل النفسي عاملا رئيسيا في دعايات هؤلاء، كأن يحدد مكان معين ويقال إن العرض فقط ليوم واحد مع استخدام أساليب الجذب الأخرى من خلال طرح مبالغ زهيدة لامتلاك مسكن أو ما يعرف بالفيلا أو الشقة، فيتهافت البسطاء في محاولة لاغتنام الفرصة التي يكتشفون فيما بعد أن ما تم بيعه ليس له وجود في الواقع، وعلى أحسن الأحوال تكون مجرد مخططات يزعم المسوق أنه سيقوم ببنائها وفق مواصفات محددة، وكانت العملية مجرد خدعة لا أكثر.

والجميع يعلم بوجود مثل هذه الشركات، فلم يكن الأمر غريبا على جميع المسؤولين الذين تحدثت معهم، والمؤسف أنهم لم يبادروا لحماية المساكين، والذريعة أنه ليس من الاختصاص.

ليتنا نجد مسؤولين مبادرين يسعون من خلال مواقعهم لقمع كل من يريد القيام بعمل ما إلا بالحصول على ترخيص من الجهة المعنية، وهنا أتساءل كيف تسمح إدارات الفنادق بتأجير تلك الصالات أو المساحات في المداخل لمثل هذه المكاتب التي لا تتبع أي جهة، والمدهش أن السفارات التي يفترض أن تتبعها تلك المكاتب لا تعلم شيئا عنها!

تساؤلات عديدة حول هذا الموضوع، ولا مجيب، ليبقى المواطن عرضة للتحايل وأخذ ما بيده من أموال ربما تكون محصلة عمره، بل ربما يكون مقترضا لها، فهل من مبادر يمنع هؤلاء، فلا يسمح لهم بالتسويق إلا بعد الحصول على الترخيص الرسمي من الجهة المعنية؟!

[email protected]