الرشوة

الثلاثاء - 20 فبراير 2018

Tue - 20 Feb 2018

يرتبط هذا المفهوم مباشرة بالموظف العام وطبيعة الأدوار التي يمارسها، وبما يتحصل عليه من منافع مادية أو عينية أو معنوية، أو أي التزامات أدبية أخرى بحكم ممارسته الوظيفية.

ولأن الكثير من أفراد المجتمع وبعضا من الموظفين يعتقد أن بطء الإنجاز والإجراء المتبع في العمل الحكومي بيئة خصبة يرونها مبررا لتقديم أي نوع من أنواع الرشوة أو تلقيها رغبة في إنجاز مصالحهم بالشكل والطريقة التي يريدهما المستفيد من خدمات هذه المؤسسات الحكومية، وفي المقابل يبرر الموظف العام أو من في حكمه أن ضعف الرابطة والانتماء المؤسسي عامل مقنع يبرر به -لضميره - خروجه على قيم العمل وواجباته التي يفترض عليه القيام بها، فيما هي في واقع الحال تعبير شديد الوضوح عن حالات مرضية سلوكيا تحتاج للحزم والجزم بالسعي لاجتثاثها.

وبالخروج عن التعريف الدقيق للرشوة فإن كل وسيلة إغراء تقدم للموظف بسبب وظيفته هي في واقع الحال رشوة، سواء كانت عاجلة أم آجلة، وبالتالي فإن الربط بين الرشوة والجانب النفعي الذي ينتج عنها هو حتما جوانب خلل تتسع وتتنوع محدثة توترا يهز بناء المجتمع لما ينتج عنها من خروج على القيم المعتدلة الواجبة في أداء العاملين، والخدمات المقدمة للمستفيدين منها، وما ينتج عن ذلك من الإخلال البين في الواجبات والأدوار والمهام التي يجب أن يقدمها هذا الموظف أو ذاك.

ولذا كان لزاما وضع صمامات الأمان القانونية لحماية الوظيفة الحكومية وخدمات المرافق العامة التي يجب أن تقدم للجميع على قدم المساواة لتحفظ المجتمع من التصدع وتبقي على توازنه بفرض القوانين المانعة للوصول بهذه المجتمعات إلى الأحوال المشار إليها سلفا.

ولأن وجود هذه الظواهر في أي مجتمع دليل على انحرافه وسوئه وقصوره في مناح شتى، وأنه يسير نحو مشكلات إن لم يتم تداركها الآن فقد لا يتم ذلك مستقبلا، لا سيما مع فقدان هذه المجتمعات لقيمها أو تلبيسها قيما منتكسة في مفاهيمها ومؤداها لا تتفق مع ما تسعى إليه الدولة المدنية الحديثة في تقويم سلوكيات الأفراد وتوجيهها نحو الإيجابية، إذا علمنا يقينا أن الرشوة من الوسائل التي يلجأ إليها الأفراد للحصول على غاياتهم الخاصة بطرق ملتوية عندما لا يستطيعون ذلك بالوسائل الصحيحة في ظل وجود موظفين قائمين عليها قد نخرهم الفساد من منابت شعورهم حتى أخامص أقدامهم.

وتشير دراسات كثير من المهتمين بهذا الجانب من جوانب الفساد الإداري والمالي إلى الخطورة البالغة للرشوة وقدرتها على هدم كافة المناحي الإدارية والاجتماعية والاقتصادية للدول حاضرا ومستقبلا. ولعلني في قادم الأيام أفصل الحديث عن أنواع جرائم الرشوة وكذلك التجريم الملحق بها بشكل أوسع.

1 من مظاهر تفشي الرشوة في العمل الإداري تحوله للعمل البيروقراطي المعقد وحرص كثير من مسؤوليه على البقاء في هذه الدائرة للحصول على بعض الفوائد الشخصية

2 نفور المستفيد من التعامل مع جهات إدارية معينة ينشئ في المقابل ميدانا خصبا للساعين للإثراء غير المشروع من المتاجرة بقدرتهم على التعامل مع الأجهزة الإدارية المعقدة وتخليص إجراءات الآخرين

3 في ظل جهل المجتمعات وقصور الجهات الرقابية يظل دور الوسيط متناميا في قضايا الرشوة وقد يتحول في كثير من الحالات ليحل محل الرائش أو المرتشي