محمد أحمد بابا

رزاني

الاحد - 18 فبراير 2018

Sun - 18 Feb 2018

بكيت حتى بل دمعي فرحا خدي ولحيتي، وأحطت لموجة البكاء هذه بأن ذهبت إلى «ماما» ليكون الانهيار عندها إعادة بناء، فهي الحفية بموجات بلاهتي العفوية منذ أنجبتني، قالت «ماما» وهي تراني ممددا بجانبها أبكي بكاء الأطفال: يا محمد من أجل رزان؟ لم أجب، لكن حالتي المضحكة المبكية أجابت.

رزاني، أتعرفونها؟ إنها ابنتي التي اخترت اسمها قبل تسع سنوات من ولادتها، إنها باكورة بناتي، وفاكهة الحب، وابتسامة قلبي، وراعية خاطري، وابنة روحي.

خطبت رزان، تم عقد قران رزان، إذا رزاني أصبحت امرأة شابة تتطلع لحياة مستقلة وجنة تخصها.

رزاني سوف تذهب يوما مع زوجها، ستغيب شيئا فشيئا عن يومياتي في حفظ ربي ورعايته شئت أم أبيت.

ما يبكيك يا محمد؟ إنه ورب الكعبة الفرح والسرور المخلوط بمشاعر الاكتئاب المحلي والتوتر الانفتاحي أن رزاني ستزف يوما وتودعني.

فرحت لابنتي حتى وجدتني تمنيت لو ذهبت لمن يطرز بشتا فأنقش عن يمينه اسمها وعن يساره اسم زوجها وأظهر به في حفلة لها، ووددت لو نقشت اسمها وزوجها على أكواب ماء لزمزم أخط عليها بقلمي يا شاربا ادع لهما بالسعادة والبركة،

وفكرت كيف أعبر عن فرحتي لكل أحد، أكتبها حالة في حساب جوالي، أغرد بابنتي طير سعادة في تويتر، أدون لحظات تاريخية مثل هذه لرزاني في مدونتي، أنشر في الفيس بوك مستخدما كل وسوم الوجوه السعيدة أن رزاني أضحت زوجة وسيكون لها بإذن ربي بيتها السعيد.

ماذا يفعل أب مثلي حفرت بناته في مسامات عشقه وتعاريج تاريخه وعروق سعادته معالم حب لا نهاية له إلا أن يدخلني ربي جنته معهن وبهن ممسكا بأيديهن أقبلهن ذات اليمين وذات الشمال؟

ماذا يفعل أب مثلي لينشر في العالم جزءا من أجزاء حبوره وفرحه فيبتسم الكون كله أن رزاني عروسا، فكرت في مثل عمل عادل إمام مع ميرفت أمين في أحد أفلامه عندما كتب في كل مكان (مرجان بيحب جهان) وأنا سأكتب: ألف مبروك يا رزان.

رزاني علامة تعليمي وثقافتي وخبرتي، منها تعلمت كيف أكون أبا للبنات، منها عرفت كيف أكون حانيا على سكر النبات، منها اكتشفت كيف يكون للحب علامات، منها وقفت عند أروع اللحظات.

مع رزاني سهرت نضحك، مع رزاني جلست أقص عليها تاريخي، مع رزاني استمعت لأغنية وتفلسفت مستغلا أبوتي فتحملتني (تسليك بنت لأب هي به معجبة).

كيف لا أبكي وعينا رزاني في السعادة هما خلاصة مهمتي في هذه الحياة، كيف لا أبكي وقلب رزاني ملأت سنيني كلها لاهجا لربي: اللهم أسعد رزان، اللهم تحنن على رزان، اللهم اشرح قلب رزان، اللهم بحفظك احفظ رزان، كيف لا أبكي ورزاني لي معها ذكريات حديث، ومنادمة فكاهة، وجلسات فضفضة، مستغلا كل وسائل الاتصال في حلي وترحالي.

للبنات نكهة الانتشاء في قلب أب يرى في بناته نعمة ربي الكاملة التامة العظيمة الكبيرة، وللبنات محل في قلب أب يحبهن رتبه وصف أمكنته بزبرجد الحنان وبيلسان الود وزهور الرحمة ونخيل الفخر.

قال لي ربي: وأما بنعمة ربك فحدث، فقلت لكم: الأرض لا تسعني فرحا بابنتي رزاني، فأعذروني.

albabamohamad@