محاكمة الدكتوراه: السريحي تعهد للراجح بمغادرة الجامعة

يوما بعد آخر، تكشف الوثائق التي حصلت عليها «مكة» حجم العراقيل التي واجهها، قبل 28 عاما، طالب الدكتوراه بجامعة أم القرى سعيد السريحي، بل إن الأمر وصل إلى التضييق عليه، بحسب

يوما بعد آخر، تكشف الوثائق التي حصلت عليها «مكة» حجم العراقيل التي واجهها، قبل 28 عاما، طالب الدكتوراه بجامعة أم القرى سعيد السريحي، بل إن الأمر وصل إلى التضييق عليه، بحسب

الثلاثاء - 24 فبراير 2015

Tue - 24 Feb 2015



وثائق محاكمة الدكتوراه: أم القرى تستبق شهادة السريحي بتعهد مغادرتها



خالد قماش - مكة المكرمة

يوما بعد آخر، تكشف الوثائق التي حصلت عليها «مكة» حجم العراقيل التي واجهها، قبل 28 عاما، طالب الدكتوراه بجامعة أم القرى سعيد السريحي، بل إن الأمر وصل إلى التضييق عليه، بحسب متابعين للقضية، بداية من تأجيل مناقشة رسالة السريحي لدرجة الدكتوراه أكثر من مرة، وتغيير المناقشين، وتعيين أساتذة غير متخصصين في موضوع ومنهج الباحث، وحجب الدرجة عنه لاحقا بعد أن منحته الكلية بدرجة جيد جدا.

وتنشر الصحيفة وثيقة جديدة، تعهد فيها السريحي، قبل نيل الدكتوراه، ووقع عليها في مكتب مدير الجامعة راشد الراجح، بعدم مطالبته بالتعيين لاحقا في الجامعة كأستاذ مساعد.

وبينما يقول المناقش الدكتور مصطفى عبدالواحد «اتصل بي مدير الجامعة وطلب مني شخصيا، أن يوقع السريحي على تعهد بعدم مطالبته بالتعيين في الجامعة على وظيفة أستاذ مساعد»، رفض الراجح الإدلاء بأي معلومة للصحيفة.

وعن التعهد، يقول السريحي «في تبعات اللغط الذي سمعته عن سحب الدرجة وعرقلة استكمالها طلب مني راشد الراجح أن أكتب تعهدا بالشروع في النقل لأي جامعة وعدم المطالبة بالتعيين على وظيفة أستاذ مساعد، فسألته لماذا؟ فقال إن أحد المناقشين كتب تقريرا تراجع فيه عن منحك الدرجة، ومن أجل أن تستكمل إجراءات منحك الدرجة اكتب طلبا توضح فيه بأنك ستغادر الجامعة فور انتهاء إجراءاتك».

ويضيف السريحي «كتبت ورقة فيها هذا الطلب ولم أوقعها قلت أطلعه عليها ثم أوقعها أمامه، إلا أنه رفضها وقال لا، أريد ورقة ليس بها طلب نقل بل تعهد على النقل، فرجعت له في اليوم الثاني أحمل التعهد بأن أنقل ولم أذكر به تنازلي عن الوظيفة فقرأه وقال أضف عبارة وأتعهد على عدم المطالبة بدرجة أستاذ مساعد فكتبتها بمكتبه، والورقة موجودة في أرشيف الجامعة إذا ما تم الكشف عن أصل هذين الخطابين في أرشيف الجامعة».

إلى ذلك، وبينما يقول الدكتور عالي القرشي «وقعت الجامعة ممثلة في كلية اللغة العربية طلابها على عدم الكتابة في الحداثة»، فقد ورد هذا الطلب في تقرير عبدالواحد ضد القرشي بأن يوقع المشرفون على عدم تدريس المناهج الغربية وعدم السماح للطلاب باستخدامها.

وشرح القرشي الأمر قائلا «طلب منا الدكتور محمد مريسي الحارثي أنا والدكتور عثمان الصيني كتابة تعهد بعدم التطرق أو الكتابة عن الحداثة مستقبلا، لأن ذلك بحسب قوله منهج غير سوي كما أنه يتنافى مع مناهجنا الإسلامية، وإن حدث مثل هذا وكتبنا فيحق للجامعة أن تسحب الدرجة العلمية منا، ولكني شخصيا لم ألتزم بهذا وقد درست بعدها في الكلية المتوسطة آنذاك، ليقيني بأن ما كتبناه ليس إلا انحناءة حتى تعبر العاصفة، ولأن الجامعة ليس لها الحق النظامي في سحب الدرجة بعد منحها وبعد تخرجنا منها».

مكة تنشر شهادتين عمرهما 28 عاما لمحكمين خارجيين

بعد أن نشرت «مكة» أمس الأول الشهادة الإيجابية للمشرف على رسالة الدكتوراه لسعيد السريحي، الدكتور حسن باجودة، تكشف الصحيفة وثائق أخرى تخالف الصوت المضاد للرسالة، وهو صوت محايد انتخبت كلية اللغة العربية صاحبيه، بعد تأجيل المناقشة أكثر من مرة، وبعد الطعون التي تقدم بها الدكتور محمد هدارة ضد أفكارها.

وتشكلت اللجنة المحايدة لقراءة رسالة السريحي وإجازتها للمناقشة من الدكتور محمود فياض والدكتور إبراهيم الحاردلو، إذ جاء تقرير اللجنة كرد على طلب من الكلية للوقوف على الجوانب الفكرية في الرسالة.

يقول فياض «فإيماء إلى خطابكم الذي أحلتم فيه إلي رسالة الدكتوراه (التجديد في اللغة الشعرية عند المحدثين في العصر العباسي للطالب سعيد السريحي) لإفادتكم بتقرير عما اشتملت عليه من أفكار..». كما اتضح أن الكلية أحالت تقارير المناقشين عبدالواحد وهدارة عن الرسالة للجنة، إذ يقول إبراهيم الحاردلو في أول تقريره «لقد طلبت المذكرة المرفوعة من الكلية من الباحث تعديل رسالته على ضوء المقترحات التي وردت في تقارير المناقشين، وكانت تلك المقترحات ملخصة في سبع نقاط سوف أتناولها بالترتيب».

أما خلاصة تقريري اللجنة فقد أجازت الرسالة للمناقشة، وأنها سليمة من أي زيغ يتصل بالعقيدة، استنادا إلى أسس علمية بحسب الدكتور فياض الذي ركز على وصف محتويات ومضامين سير الرسالة في خمس نقاط، إذ ناقش موضوعها ومعالجة الباحث له، وكيف عرض لمواقف النقاد القدامى ومواقف الشعراء المحدثين، وما طرحه عن أبرز معالم اللغة الشعرية. وبناء على النقاط الخمس أصدر حكمه بأن خطة الباحث محكمة البناء ومتواصلة الفصول، وقد استطاع من خلال هذا الإحكام أن يكشف عما احتضنه التراث الشعري من تجارب لغوية تنفي عن اللغة الإلف الذي يطفئ إشراقها، محللا لمنهج الباحث الذي حاول الوقوف على أبعاد اللغة وتأويل رموزها، الذي اختلف معه فياض في بعض تلك الرموز، لكنه اختلاف لا ينفي جهد الباحث ولا يرده، لأن الحق فيه لا يفصح ولا يبين إلا بالحوار.

وختم فياض تقريره مؤكدا أن الرسالة لا زيغ فيها يتصل بأصل من أصول العقيدة، ومؤكدا أنها صالحة للمناقشة العلمية.

أما الدكتور إبراهيم الحاردلو، فيظهر مما وصل إلينا من تقارير أنه قدم تقريرا للكلية بتاريخ 12-3-1408موصيا بإجازتها للمناقشة العلمية، ولكن الكلية طلبت منه كتابة تقرير آخر بعد قراءة ملحوظات المناقشين والتأكد أن الطالب أخذ بها، فأرسل تقريرا آخر بعد تقريره الأول بثمانية عشر يوما بتاريخ 30-3-1408 ختمه بأن الرسالة صالحة للمناقشة.

وأبرز ما جاء في تقرير الحاردلو على الرسالة أنها تحمل زوايا جيدة لفهم الشعر، وأنها كتبت بأسلوب واضح جزل يحدث عن تمكن وممارسة للكتابة والنقد، وأن الباحث متصل بالتراث غير منفصل عنه، بل هو معجب ببعض رموزه، وأن المنهج الذي أخذ به كان أكبر إضافة للرسالة في هذا الاتجاه. وأكد حاردلو على أن الرسالة ملتزمة بالتفسير العلمي في نقد النصوص، ولم يجد فيها أي هجوم أو تجن على المتقدمين.

عبدالبديع: رسالة السريحي مفخرة

قبل أن يغادر جامعة أم القرى والمملكة كتب المشرف الأساسي على رسالة السريحي الدكتور لطفي عبدالبديع - رحمه الله- عن رسالة طالبه قائلا:

«رسالة سعيد مصلح السريحي للدكتوراه عن التجديد في اللغة الشعرية عند المحدثين في العصر العباسي، صالحة للمناقشة بل وأكثر من صالحة، وتفخر بها أي جامعة تقدم إليها، وهو ما أشهد الله عليه في البلد الحرام، وليس لصاحبها إلا أن يتمثل بقول القائل:

إذا حسناتي اللاتي أدل بها

كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر

والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل؟

مكة المكرمة في 25-10-1407«

وكان قد راج في جامعة أم القرى حينها بأن قرار إبعاد عبدالبديع عن الجامعة، ورفض إعادة استقدامه بقرار من مدير الجامعة، جاء على خلفية اتهامه بتبني مشروع الحداثة والنظريات الغربية وغرسها في طلابه، وهو ما كرره الدكتور مصطفى عبدالواحد في تصريحه لـ"مكة".