الخط الأحمر

الخميس - 15 فبراير 2018

Thu - 15 Feb 2018

مهما بلغت من العمر ومهما كنت مثقفا وتحليت بالأخلاق العالية، فقد ينفد صبرك في لحظة، ولن تستطيع تحمل الكثير مما قد تسمع أو ترى من الإساءة لك أو لغيرك من بعض السفهاء الذين اعتادوا أن يكونوا مصدرا لذلك. فما بالك إذا كانت الإساءة موجهة لوطن ورموز وطنية وشعب كريم؟

هذا ما ما ينتهجه بعض جهلاء العصر وسفهائه متخذين من مواقع التواصل الاجتماعي منصات لهم ومنابر لـ»نباحهم» ضد رموزنا الوطنية ووطننا وأمننا القومي، الأمر الذي لا نقره ولا نقبله جملة وتفصلا. وخاصة إذا صدر ذلك ممن فعلنا معهم معروفا، أو أن لنا عليهم فضلا بعد الله.

فبالأمس القريب كاد «اليمن السعيد» أن يسقط ويتحول إلى فرع من فروع المد الفارسي الخبيث، لولا إرادة الله ثم تدخل السعودية بعتادها ومالها ورجالها، وما فعلنا ذلك إلا إيمانا منا بنخوتنا العربية وبحق الجوار علينا، وغيرة منا على أشقائنا اليمنيين الشرفاء.

ومنذ اللحظة الأولى للعمل العسكري بادرنا بفتح معابرنا البرية والجوية والبحرية لاستقبال الفارين من الحرب إلينا، وصدرت التوجيهات بعدم التعرض لهم من قبل الجهات الأمنية. فاستقبلناهم استقبال الإخوة الكرام ولم يعترضهم حراس حدودنا بالسلاح والهراوات والضرب كما فعلت بعض الدول مع أشقائنا السوريين، وقلنا هذا بلدكم الثاني اعملوا وكلوا واشربوا هنيئا مريئا واسكنوا أينما شئتم، ولم ننصب لهم المخيمات في العراء كما هو في بلدان مجاورة. وأصدرنا لهم «هوية زائر» لتصحيح أوضاعهم وتمكينهم من العمل، ولم نحصرهم في مساكن تحت الرقابة كما فعلت بعض دول أوروبا مع المهاجرين من ويلات الحروب. كما أمرت الدولة بأحقيتهم في التعليم والعلاج تقديرا لهم، ولم نقف عند هذا الحد فحسب، بل انطلقت إلى الداخل اليمني قافلات الإغاثة ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة، حاملة أطنانا من الغذاء والدواء، إضافة لسعينا لمكافحة مرض الكوليرا هناك. كما كانت أرتال الشاحنات التي تنقل البترول تكاد تكون جسرا لا ينقطع في كل يوم، إضافة إلى السلاح والعتاد العسكري الذي تم تزويده للجيش اليمني النظامي، ناهيك عن رصد مليارات الريالات السعودية لإعمار اليمن.

مواقف المملكة وعطاءاتها للإخوة اليمنيين لن تقف عند هذا الحد، وسيجدون منا كل دعم يعيد يمنهم إليهم ويعيدهم إليه سالمين غانمين، ولكننا نأسف عندما نرى ونسمع من بعضهم جحودا لهذا العطاء ونسفا للجهد المبذول، فيخرج رعاعهم منددين بما تتخذه أجهزتنا الحكومية في تطبيق الأنظمة والقوانين داخل الدولة ومعترضين عليها، علما أن اعتراضهم على نظام بين الدولة والمواطن السعودي، وليس من شأنهم التدخل فيه ولا في سواه، فصاحوا مناشدين هيئات دولية بالتدخل في أمر داخلي صرف! بل وصل الأمر ببعضهم إلى تأليب الرأي العام والمطالبة بالخروج للمظاهرات داخل المملكة وأمام سفارتها بالخارج، والأدهى والأمر أن منهم بعض الإعلاميين والكتاب وبعض مشاهير السوشال ميديا من اليمن الشقيق!

صحيح أنهم قلة ولا يمثلون اليمن وشرفاءه، ولن يكون لهم تأثير علينا، ولكن غيرتنا على الوطن لا تقبل مثل هؤلاء ومن على شاكلتهم من «الهمج» أن يتعرضوا لمملكتنا بشيء من القول ولا سواه، وسنكون لهم بالمرصاد أينما حلوا خابوا وخاب مسعاهم، وليعلم أولئك الأقزام أن المملكة خط أحمر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقبل بشيء يمس سيادتنا وكرامتنا وأمننا.

وأخيرا أريد أن أوجه رسالتي إلى إخوتنا اليمنيين داخل المملكة وأقول لهم: أهلا بكم في بلدكم الثاني بين إخوتكم وأهليكم، وفرج الله كربتكم وأعادكم إلى وطنكم سالمين لنشارككم فرحة الانتصار على عدونا وعدوكم، وتعلمون أن للدولة سيادة ودستورا وأحكاما وقوانين تضمن للإنسان العيش بكرامة، فلا تلقوا السمع لمن ينطق بالفتنة، ولا تنجرفوا وراء أهوائهم، فلو كان فيهم خير لتركوا ما لا يعنيهم وسارعوا إلى الانضمام إلى الجيش لتحرير اليمن من ميليشيات الحوثي وأعوانه. كما أوجه نصيحتي لـ»البعض» الذين لم يعجبهم كل ما قدمناه ولم يوافق هواهم وطننا ونظامه، فأقول إن بقيتم لدينا أشقاء معززين مكرمين يحكمنا ويحكمكم نظام الدولة وقانونها، فعلى الرحب والسعة، وإن لم يعجبكم ذلك ولم ترضوا عنه، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإني أرى أن وطنكم في أمس الحاجة إليكم لتنهضوا وتؤازروا إخوتكم في الجيش اليمني، وتحاربوا ميليشيات الحوثي الذي انتهك الأرواح والمال والعرض، ولم يبال بكم ولا بكرامتكم.

الخاتمة: وطني الحبيب.. روحي وما ملكت يداي فداه.