سيل الأربعاء ملهم مشاريع التصريف

شرف الله تعالى مكة المكرمة بوقوعها في واد تحف به الجبال من كل جانب، ففي حال هطلت الأمطار عليها بشدة يتسبب في جريان المياه من جميع الجبال والمرتفعات إلى المواضع المنخفضة بمكة،

شرف الله تعالى مكة المكرمة بوقوعها في واد تحف به الجبال من كل جانب، ففي حال هطلت الأمطار عليها بشدة يتسبب في جريان المياه من جميع الجبال والمرتفعات إلى المواضع المنخفضة بمكة،

الثلاثاء - 24 فبراير 2015

Tue - 24 Feb 2015



شرف الله تعالى مكة المكرمة بوقوعها في واد تحف به الجبال من كل جانب، ففي حال هطلت الأمطار عليها بشدة يتسبب في جريان المياه من جميع الجبال والمرتفعات إلى المواضع المنخفضة بمكة، لتتجمع في أزقتها وشوارعها حاملة معها الحجارة والأتربة، الأمر الذي استدعى إنشاء سدود من قديم الزمان، كسد عمر رضي الله عنه الذي أقيم بالردم عند المدعى، حيث كانت الكعبة ترى من هذا الموضع لعلوه، وذلك لتوفير الحماية للمسجد الحرام من دخول السيل، فتحول مجرى السيل إلى وادي إبراهيم بعد أن كان السيل ينحدر من المدعى إلى المسعى من ناحية المروة، وكان ذلك سنة 17 من الهجرة، بعد انتهائه من وضع مقام إبراهيم عليه السلام في موضعه، وانتهائه من عمارة المسجد الحرام والزيادة فيه.

ولقد كان سد عمر رضي الله عنه سدا عظيما محكما استخدمت في بنائه الضفائر والصخور الضخمة، وكبس بالتراب فلم ير سيل من بعد ذلك لمدة 200 سنة.

وهذا الردم هو أول سد أنشئ بمكة.

سيل (الربوع) حدث في 4 /‏11/‏1388 بعد استمرار هطول الأمطار نحو ثلاث ساعات، وشهدت الساعة الأولى غزارة في منسوب كميات الأمطار، مما تسبب في دخول السيل إلى الحرم المكي ليصل إلى باب الكعبة، كما تسبب في جرف مركبات كثيرة راح ضحيتها مئات الأرواح.

وهذا السيل بالتحديد ما زال أهل مكة يذكرونه إلى الآن، حيث هطلت أمطار غزيرة على مكة المكرمة والقرى والضواحي القريبة منها (جدة وبحرة والجموم والمرشدية وقرى أخرى)، وصاحب هطول الأمطار سيل جارف قدم من أعالي جبال مكة من جهة الشرق والشمال والجنوب، واقتلع كل ما يقع في طريقه، ودخل إلى المسجد الحرام وامتلأت أروقته والمطاف بالمياه التي ارتفع منسوبها إلى باب الكعبة المشرفة.

وتسبب هذا السيل في أكثر خسائر شهدتها منطقة مكة المكرمة في العهد الحديث، كما أتلف كثيرا من المزارع في منطقة المرشدية والجموم وعين شمس، ونتيجة لذلك كثفت الجهات المسؤولة دراساتها من خلال الخبراء والمختصين، واستعانت بعدد من الأهالي للتعرف على مناطق جريان السيول لوضع مشروعات تتصدى للسيول في مكة المكرمة، وتحمي القرى والهجر من أخطارها، فأنشئ في مكة المكرمة سدان بشارع الحج وسد آخر في وادي فاطمة.

وقد خففت هذه السدود في ذلك الوقت من قوة جريان السيول وكوارثها.

ومع مرور الزمن وتطور العمران ردمت الأودية التي كانت تعتبر مجاري للسيول، وشيدت بها عمائر سكنية ومناطق صناعية.

وهذه الأعمال قد طمأنت الناس، إلا أنه في يوم الأربعاء 12-12-1425 هطلت أمطار على مدينة مكة المكرمة لا تقل قوتها عن سيل 1388، وكان السيل قويا ومدمرا، وجرف عددا من السيارات في جميع أحياء ومناطق مكة المكرمة كالعتيبية وجرول والمسفلة والزاهر والعمرة والعزيزية وشارع الحج ومركز حدا ومحافظة الجموم، وتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

وبعد هذا السيل أمرت القيادة بإنشاء مشاريع عملاقة لتصريف مياه السيول، تفوق قيمتها ملايين الريالات.