جوكر العمليات العقلية

الاحد - 11 فبراير 2018

Sun - 11 Feb 2018

ربما لا تخلو لحظات من حياتنا إلا ويكون فيها للدوبامين (Dopamine) دور محوري في الجسم والعقل ويرتبط بوظائف عدة، لذلك يستحق أن يكون (الجوكر) بسبب تدخلاته العديدة في مشاعر الإنسان، وهو ناقل عصبي في دماغ الإنسان، وله أماكن يذهب لها وتسمى (مستقبلات الدوبامين)، ويطلق عليه أيضا (هرمون السعادة والتحفيز)، وللقارئ البسيط، هل تذكر الشعور الذي يأتيك عندما تنجح في شيء؟ الشعور بعد قهوة الصباح؟ الشعور بعد قراءة أو مشاهدة التحفيز بعبارات أو مقاطع فيديو؟ نعم هو هذا الشعور الذي يسببه الدوبامين، ولأنه يتم تحفيزه بالموسيقى المفضلة أو بعبارات التحفيز أو بالنجاح في الحياة يخرج هذا الناقل، لكي يعطيك المكافأة على إنجازك يتشكل بالشعور بالرضا أو بالسعادة وبالثقة بالنفس، لكي تستمر بالإنجازات وتحرز المزيد من التقدم طلبا لهذا الشعور.

ولأن هذا الهرمون يمثل الأطروحات السعيدة ويقضي على الاكتئاب والقلق في الدماغ فكثرة الشعور فيه تسبب الإدمان على هذا الشعور، يلجأ مدمن المخدرات إلى إجبار هذا الهرمون بالخروج رغما عنه، وبكميات كبيرة لكي يشعر بالنشوة والسعادة الوهمية التي لم يستطع إخراجها بالإنجازات والشهادات العلمية والتخطيط الناجح للحياة، ولأن الدماغ يمتلك ميكانيكية دفاع لتخفيض هذا الهرمون لكي تستطيع النوم والهدوء والسكينة، يقوم بتعطيل المستقبلات لهذا الهرمون وتصبح الجرعة العادية للمدمن لا تعطي شعور النشوة التي كانت أول مرة ويضطر إلى زيادة الجرعة، وبالنهاية يدمر المنطقة المسؤولة عن إنتاج هذا الهرمون وتسمى المادة السوداء (Substantia Nigra)، وقد يصعب علاجها مسببة أمراضا نفسية قد تحول حياة الإنسان إلى جحيم، كما في تجربة الفأر الذي تم وصل جهاز تنبيه كهربائي إلى المكافأة في الدماغ لديه مربوط بقاطع كهربائي، بحيث يستطيع الفأر التحكم فيه ويشعر بالمتعة، ماذا حدث بعد ذلك؟ استمر الفأر بالتنبيه الكهربائي طلبا للمتعة حتى مات!

الدوبامين ونظام المكافأة في الدماغ: لكي تصل الفكرة أكثر لنفترض أن أمامك (كرة قدم)، وهي الدوبامين، وأيضا أمامك (مرمى الإنجازات)، وهي المستقبلات وأنت اللاعب، ولكي تشعر بنشوة النجاح لا بد أن تسدد الكرة إلى (مرمى الإنجازات) وإصابة شباك المرمى تكون مكافأتك هي الشعور بالفرح والانتصار، لكن ماذا لو لم يوجد لديك (كرة)، فكيف التسديد إلى المرمى؟ هنا يكون ظهور المرض النفسي بأنواعه، ولكي تظهر لديك (الكرة) وهي الدوبامين من جديد لا بد من تعويضها بالأدوية النفسية وتسمى (محفزات الدوبامين).

الإدمان الطبيعي على الدوبامين: يكون بالإسراف في الاستماع للمقاطع التحفيزية بكثرة أو الاستماع للموسيقى أو تناول الكافيين بشكل يومي، ولأنه يصبح هنا كفكرة الإدمان على المخدرات يقوم الدماغ بتعطيل المستقبلات لهذا الهرمون ولا تشعر بالنشوة التي كنت تشعر بها عندما كنت تستمع إلى أغنيتك لأول مرة أو شرب قهوتك كأول مرة أو كالنشوة لأول مرة عند قراءة أول جملة تحفيزية لك، لذلك ستبحث عن أغنية أخرى جديدة أو تشرب المزيد من القهوة أو تبحث عن مقاطع تحفيزية أخرى في سبيل الحصول على دفعة معنوية.

عندما تشعر أنك محبط ومكتئب ولم تعطك قهوتك الشعور الذي تريد أو جملك التحفيزية لم تعد ترضيك أو أن أقل الأشياء لا تشعرك بالسعادة، بكل بساطة تحتاج فاصل راحة (انقطاع) عنها فترة، أو خفف منها أو اجعلها من يومين لثلاثة أيام لكي تعطي هرمون الدوبامين (السعادة) فترة لكي يستعيد قوته ويأتيك بقوة، وتناول (في فترة الراحة): الأفوكادو، اللوز، الموز، الشاي الأخضر، الشوكولاته الداكنة لكي تعزز إنتاج هذا الهرمون، لكي تحرز المزيد من التقدم والنجاح، ولتعلم أننا جميعنا ننتظر إنجازاتك.