هل هبط التعاطف مع اللاجئين إلى هذا المستوى؟

*تغرق المراكب في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية التاريخ، في الفترة الأخيرة، كانت هناك بواخر تغرق وهي مليئة برجال ونساء وأطفال يائسين، وهم يبحرون، لتحقيق أحلامهم.

*تغرق المراكب في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية التاريخ، في الفترة الأخيرة، كانت هناك بواخر تغرق وهي مليئة برجال ونساء وأطفال يائسين، وهم يبحرون، لتحقيق أحلامهم.

الأربعاء - 12 نوفمبر 2014

Wed - 12 Nov 2014



*تغرق المراكب في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية التاريخ، في الفترة الأخيرة، كانت هناك بواخر تغرق وهي مليئة برجال ونساء وأطفال يائسين، وهم يبحرون، لتحقيق أحلامهم. غالبا ما يكونون غارقين في الخوف، تطاردهم شياطين الوحشية والبطالة والحرب والاضطهاد الديني والمناخ وإيبولا. 

في سبتمبر الماضي، غرق حوالي 500 مهاجر في سفينة، ومات حوالي 160 مهاجرا على الشواطئ الليبية، كانوا من السودان، فلسطين، العراق، سوريا، وصبي صغير حالم من مصر خرج بحثا عن العمل في أوروبا لجمع تكاليف عملية القلب لوالده. منذ عام 1988، مات أكثر من 20.000 شخص من القارة الأفريقية غرقا في البحر وهم يحاولون الحصول على حياة أفضل في أوروبا.

قال معلق بالتلفزيون: «ربما يستمد هؤلاء اللاجئون الشجاعة من حقيقة أننا نبذل الكثير من الجهود لإنقاذهم في البحر.» إذا كنا قلقين من أن إنقاذ اللاجئين من سفنهم الغارقة سيشجعهم، فإن الإنسانية قد وصلت بالفعل إلى مستوى مؤسف، فكروا معي بالمفاهيم الخاطئة الوهمية لهذا العصر: إننا نستطيع أن نقصف الشعوب حتى تقبل الديمقراطية، وندمر بنيتهم التحتية لفرض تطبيق حقوق الإنسان على الأنقاض، وأن نرسل الطائرات بدون طيار لنقتل الناس حتى لو كان بينهم رعاة غنم أو ضيوف في حفل زفاف. كم من الناس قتلوا أو دمرت حياتهم باسم نقل الحضارة إلى الشعوب؟ الليبيون والعراقيون الذين كانوا يعيشون في رفاهية وراحة يقفزون الآن فوق برك من مياه الصرف الصحي، ويقفون في الطابور للحصول على الخبز، وليس لديهم نظام رعاية صحي كاف للعناية بأطفالهم المرضى. هناك خوف في كل زاوية من الزوايا، الطائفية مزدهرة، والحياة مهددة بالخطر في كل يوم. لكنهم يقصفون الناس في الحروب، أليس هذا ما يحدث؟

هناك أناس يقومون بقتل أناس آخرين مثلهم بجانب الطريق وكأن ذلك يتم في لعبة من ألعاب الفيديو والكومبيوتر، حيث تبدو الإصابات الجانبية وكأنها أمور تافهة يمكن تجاهلها تماما.

هذا هو أكثر الأوهام التي تحيط بنا في هذا العصر إثارة للرعب. كم هو عدد المحللين والمراقبين السياسيين في التلفزيون والكتاب الصحفيين والمفكرين الذين يهتمون بالفعل بمصير هؤلاء الناس التعساء المنكوبين، الذين خسروا حياتهم بسبب الحرب؟ هل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وغيرها من الشعارات المعاصرة تستحق فعلا المعاناة من روائح أنابيب الصرف الصحي المكسورة والبرك اللزجة من الدماء البشرية ودمار البنية التحتية غالية الثمن؟ 

-  كاتب ومحلل سياسي ماليزي  (نيو ستريتس تايمز)