محمد حطحوط

هل تنجح هذه الفكرة المجنونة في السعودية؟

السبت - 10 فبراير 2018

Sat - 10 Feb 2018

هذه قصة حقيقية لرجل أعمال سعودي يمتلك مجموعة من مطاعم (البرقر) حضر معي دورة (صناعة الخطة التسويقية) قبل أيام، حيث جعلني في لحظة ذهول عندما قال: قررت تطبيق فكرة (الضمان الذهبي) على البرقر في جميع الفروع! قلت له: هذا جنون.. هذه خطوة جريئة جدا!! وقبل إعطائكم نتائج هذه الخطوة المجنونة فعلا، إليكم القصة من بدايتها.

مع التغيرات الاقتصادية الحالية في السعودية التي تواجه المشاريع ورجال الأعمال، هناك تحد حقيقي وغير مسبوق، نتيجته تكون أو لا تكون، وبدأنا نرى مع كل أسف مجموعة من المشاريع بدأت تقفل أبوابها غير قادرة على التكيف مع التغييرات المتسارعة لوزارة العمل والجهات ذات العلاقة. ولهذا تردني طلبات استشارية كثيرة في صناعة (خطة تسويقية) مباشرة وسهلة والأهم عملية وغير نظرية. ومع كثرة الأسئلة في تويتر، قررت تحويل ذلك لدورة بعنوان (صناعة الخطة التسويقية) ولأن هذه الدورة لأول مرة تقدم بهذا العنوان، فقد قررت تطبيق أحد المفاهيم العملية في الدورة، حتى تؤكد للمتدرب أنها دورة عملية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وليست حشوا وتكرارا لا فائدة منه. كان القرار بتقديم (الضمان الذهبي) للدورة. ويعني من حقك أن تحضر الدورة وإن لم يرق لك المحتوى أو وجدته غير مفيد، كما يزعم مقدم الدورة، فمن حقك استرجاع مبلغك بالكامل دون أي نقاش! والنتيجة أن عدد المتدربين وصل ضعف العدد المخطط له، واضطررنا للاعتذار من متدربين كثر وإعادة المبالغ لهم، لأن القاعة الصوتية لا تتسع لهذا العدد.

بعد اليوم الأول اتصل صاحب المطعم أعلاه، مخبرا بقنبلته التسويقية: قمت بتقديم الضمان الذهبي للعملاء على البرقر! ويعني إن لم يعجبك طعم البرقر من حقك استرجاع المبلغ بالكامل! وحتى تعرف صعوبة قرار - مجنون- مثل هذا، اسأل أصحاب المطاعم، وهل ينفع نقل هذه الفكرة الموجودة حقيقة في أمريكا، للمجتمع السعودي. شخصيا، سألت في قروبات واتس اب مجموعة كبيرة من ملاك المطاعم ورجال الأعمال عن هذه الخطوة، وأبدى قرابة الـ70% فشلها في مجتمعنا! وهذا رقم كبير لرجال أعمال لهم خبرة كبيرة بالسوق.

ليس هذا فحسب، قمت بعمل استفتاء في تويتر ووجدت نسبة تقترب من 65% تتفق مع رجال الأعمال على أن هذه الفكرة ستفشل في المجتمع السعودي، وستعود بالفشل على المشروع! في التسويق هناك مقولة أؤمن تماما بها تعلمتها من إريك ريس صاحب كتاب The Lean Startup ترتكز على: عندما تكون أمام فكرة تسويقية فيها نقاش وجدل، من الخطأ أن تحكم عليها فقط من خلال خبراتك السابقة! منهجية لين اليابانية تقول وبكل بساطة: دع السوق يحكم عليها. أنزلها بشكل مختصر في السوق ودع السوق والعميل هما من يقرر هل ستنجح أم لا، لأن السوق غالبا سيثبت عكس ما تظن!

اتصلت بصاحب المطعم لأني متعطش لمعرفة الآثار لفكرة الضمان الذهبي على مبيعات فروعه الأربعة، ولأنها أول مرة - في ظني- يقوم مطعم سعودي بتطبيقها والإعلان لها عن طريق المشاهير الصغار! يقول صاحب المطعم فرحا: كل فريق العمل مصدوم من النتائج غير المتوقعة! زادت نسبة المبيعات 80%!! سألته: كم شخصا طلب استرجاع المبلغ؟ فأجاب: بحمد الله، لا أحد!

ولنفترض أنه استرجع 5% من العملاء، تظل نسبة معقولة، واحسبها من ميزانيتك التسويقية، ومن بند توزيع العينات المجانية. هل ننصح جميع المطاعم بتطبيق ذات الفكرة؟ بالطبع لا، فهناك تفاصيل تسويقية لا بد من وجودها لضمان نجاح فكرة مثل هذه، مثل وجود شخص سعودي لإحداث الحرج الثقافي، وغيرها من التفاصيل النفسية المتعارف عليها.

الخلاصة التي يجب أن يأخذها القارئ: لا تعتمد على خبراتك السابقة فقط - مهما كانت - في الحكم على أفكار تسويقية جديدة، دائما وأبدا، الرأي الأول والأخير، دعه للسوق والعميل، هما فقط من يحددان نجاح فكرة ما من عدمه.

mhathut@