إدارة شؤون ضيوف الرحمن.. التخصص المأمول

الأربعاء - 07 فبراير 2018

Wed - 07 Feb 2018

يتطلب العمل الإداري لتقديم الخدمات معيارين مهمين، الأول الإتقان التنظيمي بمهارة واحتراف، والثاني التخصص المهني الدقيق ليعكس الخبرات العملية والدراية العلمية للحصول على خدمة متميزة لإرضاء وجذب العميل، بحسب ما تراه الفلسفة التسويقية لإدارة المنتجات، ومن ثم يأتي دور الإبداع في ترويج السمعة والعلامة التجارية للمنتج والخدمة المقدمة لما بعد البيع، ورقابة مقدمي الخدمة والعملاء، وكيفية المحافظة عليهم واستبقائهم كنتيجة لجودة العمل المتقن وتمييزه عن باقي منتجات الشركات المنافسة؛ ثم تأتي مرحلة قياس الأثر العائد والعمل على الإجراءات التصحيحية لسير العمليات لتحقيق أقصى درجات الرضى للموظفين والمستفيدين من الخدمات.

مما سبق أود أن أربط ذلك بكيفية الوصول لتجويد خدمة وإدارة ضيوف الرحمن؛ حيث شرف المولى عز وجل مكة المكرمة منذ عهد إبراهيم عليه السلام بأول بيت تم تأسيس قواعده لتهوي إليه أفئدة الناس أجمعين، ليحققوا منافعهم الروحية ويجنوا مكاسبهم المادية، وبعد بعثة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وهجرته للمدينة المنورة وإرسائه لقواعد المسجد النبوي أصبح المسجدان المكي والمدني محط جذب أنظار مسلمي العالم أجمع.

فمنذ ذلك العهد قيض الله سبحانه وتعالى من يخدم بيته ويصونه ويقوم على خدمة ضيوفه، وأيضا خدمة مسجد رسوله الكريم، واختص مجموعة من خلقه يسخرون كافة جهودهم لرعاية وسقاية ورفادة وإطعام الحجاج والزوار والعاكفين والطائفين والركع السجود؛ وخصوصا في مواسم الخير كالعمرة والحج.

ومن التخصصات التنظيمية التي تتطلب إعادة نظر وصناعة منتج ودراسة بحثية فاحصة هو «إدارة شؤون ضيوف الرحمن» من قبل الدولة، ممثلة في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وبمشاركة من وزارتي الحج والتعليم للخروج بآلية وخطة عمل لتحديد الأطر الأكاديمية الرئيسة بمهارة وإتقان لفتح المجال أمام الشباب باعتماد تخصص أكاديمي يعنى بخدمة ضيوف الرحمن كمسار مستقل بذاته تحت إشراف وزارتي الحج والتعليم، ومتابعة ورقابة من ولي العهد.

ويتم إنشاؤه بمسمى «كلية أو معهد خادم الحرمين الشريفين لإدارة شؤون ضيوف الرحمن»، ويكون مقره الرئيس على سبيل المثال مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بمنح درجة الدبلوم العالي والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه مما يعطي الأهمية القصوى والمكانة العالية للقسم بعد التخرج في مسارات علمية دقيقة مثل «خدمة ضيوف الرحمن» و«إدارة خدمات الأماكن المقدسة» و«لغات العالم الإسلامي» و«إدارة تصعيد وتفويج الحجيج»، و«إدارة بروتوكول الحج والعمرة» وغيرها من المسارات الأكاديمية الفرعية التي تترك لأصحاب التخصص والقرار بحسب ما يرونه من الصالح العام، والتي يمكن دراستها لمواكبة الجديد والمستحدث في صناعة السياحة الدينية.

ويمكن للتخصص المأمول أن يعكس آثارا إيجابية عديدة اقتصادية واجتماعية ودينية وسياسية وتربوية ويفتح المجال أيضا أمام الشباب بطرح الأفكار الجديدة والحديثة من الأبحاث والرسائل العلمية والتبادل المعرفي، بالإضافة للمساهمة في تشغيل وتدوير رأس المال البشري الذي سينعش هذا التخصص من خلال استقراء سريع للمستقبل الذي ستشهده المملكة باعتباره سببا رئيسا في تنويع مصادر الدخل وتوجيه الشباب إلى سوق العمل بطريقة مختلفة، والنظر إلى فتح تخصصات جديدة لها أثرها الملموس لاستيعاب العدد الأكبر من الشباب وتوجيه أفكارهم إلى هذه الخدمة الشرفية العظيمة وهذا التخصص المتميز الذي سيرتبط بهذه الأرض المباركة، ويرتبط أيضا بركن الإسلام الخامس ليعود بالنفع الديني والدنيوي على شبابنا ووطننا، وأيضا يساعد في دفع عجلة التقدم والازدهار، ويسلط الضوء على الخدمات المقدمة والرعاية الخاصة من لدن خادم الحرمين الشريفين، وفتح منافذ الاستثمار الأجنبي وتدوير رأس المال المحلي بطرق مختلفة لتحقيق مبدأ الاستدامة وتعظيم دور الاقتصاد المعرفي واستحداث تخصص يساعد في زيادة الأعداد المستقبلية لضيوف الرحمن، وتحقيق رؤية المملكة المستقبلية 2030 لأن خدمة ضيوف الرحمن شرف لنا.