عبدالله العولقي

أصابع الإرهاب في أفغانستان

السبت - 03 فبراير 2018

Sat - 03 Feb 2018

إذا أردت أن تتعرف على مصادر خيوط الإرهاب التي تتسلل وتمتد كشبكة معقدة ومتجذرة في إطار جغرافي معين، ولشعب يريد أفراده أن ينعموا بالأمن والسلام فتش عن الأصابع الخفية لنظام الملالي في طهران، أو لأصابع تنظيم الحمدين في الدوحة، هذان النظامان اللذان عاثا في الجغرافيا الإسلامية فسادا، وأقلقا العديد من شعوب منطقة الشرق الأوسط بسبب تدخلاتهما العنجهية في الشؤون الداخلية لتلك البلدان، ومحاولاتهما البائسة في فرض هيمنتهما على خيرات هذه الأوطان، وإصرارهما اللا إنساني على استلاب صناعة القرار السياسي والإرادة السيادية من أبناء تلك البلدان، وفي هذا المقال سنستعرض وبشكل موجز تدخلاتهما السافرة في أفغانستان.

لقد نالت أفغانستان نصيبها من الكوارث والدمار كضحية من ضحايا الحرب الباردة، فقد حاول الاتحاد السوفيتي سابقا السيطرة على بلاد الأفغان ولكن التفاف جميع مكونات وأطياف الشعب حول وطنهم حال دون ذلك، وما إن اعترف السوفييت بهزيمتهم النكراء بالسيطرة والاستيلاء على كابول إلا وتقاذفت الأفغان أمواج الحرب الأهلية التي أغرقتهم في محيطات الجهل والتخلف والفقر والتي ما زالوا يعانون منها حتى اليوم بسبب التدخلات السافرة من قبل الداعمين لشؤون الإرهاب في العالم.

نظام الملالي في طهران كان يعاني سابقا من وجود نظامين سنيين عسكريين منغلقين يحدانه من الشرق والغرب هما النظام الطالباني المتشدد الحاضن لتنظيم القاعدة في أفغانستان ونظام صدام حسين العسكري في بغداد، وكان لأحداث سبتمبر 2001م الإرهابية التي وقعت في برجي التجارة العالمية في نيويورك المسوغ الأول للولايات المتحدة الأميركية لإسقاط هذين النظامين، وبعدها وجد نظام الملالي نفسه في فرصة للتوسع داخل هذين البلدين ذوي الأغلبية السنية والسيطرة عليهما عبر زرع الفتنة بين الأطياف المذهبية والعرقية، بل وتجاوز الأمر بعد ذلك إلى احتضان عناصر تنظيم طالبان - العدو السابق - ودعمهم واستعمالهم داخل أجندة الحرس الثوري في التفجيرات المتفرقة والأعمال التخريبية بين المدن الأفغانية كورقة ضغط سياسية ضد الحكومة الأفغانية.

يعتبر الشعب الأفغاني شعبا سنيا يدين فقهيا بالمذهب الحنفي، ولديه أقلية شيعية لا تتجاوز 10% من سكان البلاد، وكما هو معروف حول منهجية الملالي السياسية باستغلال هوية الأقلية الشيعية كتبرير للتدخل المباشر في شؤون البلد، حيث تتخذ هذه المنهجية نمطين متباينين ينتهج الأول الدعم العسكري بالسلاح للأحزاب السياسية التي يتم استزراعها في هذه البلاد التي تقتحمها بعنجهيتها المعهودة، ومن هذه الأحزاب حزب (الوحدة الإسلامية) الذي ما لبث أن تفكك إلى مجموعة من الأحزاب السياسية تدين بولائها جميعا إلى الحرس الثوري الإيراني، كما يتشكل النمط الآخر من المنهجية الملالية بالحضور الناعم من خلال التحكم والسيطرة بالرأي العام عبر قنوات الفضاء الإعلامية التي تدشنها كقنوات تمدن ونغاه وراه فردا، وكذلك السيطرة على المؤسسات التعليمية كجامعة أزاد وجامعة المصطفى ومدرسة خاتم النبيين، وذلك لإعداد جيل يدين بولاءاته لمخططاتهم الاستعمارية.

أما تنظيم الحمدين ورعايته للشؤون الإرهابية في العالم، فهذا أمر أضحى يعرفه الداني والقاصي، فبعد مباركة وسماح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للدوحة بافتتاح مكتب تمثيل رسمي لطالبان أسوة بطهران، نشطت الدوحة في عملياتها الإرهابية في الداخل الأفغاني، ولعل الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب الخليجي والعربي هو الأطر الجغرافية التي يتكثف فيها التواجد القطري في أفغانستان والتي تشكل المناطق المتاخمة للحدود الإيرانية، وهنا يتضح بجلاء تلاقي الخيوط والمصالح بين هذين النظامين الراعيين للإرهاب في العالم الإسلامي.

لقد أسس تنظيم الحمدين (شركة الغرافة) التي يتجاوز رأسمالها ملايين الدولارات، والتي تقدم نفسها أمام الرأي العام كشركة خيرية تقدم الإعمار والدعم للشعب الأفغاني، خاصة في المناطق النائية على الحدود الإيرانية، بينما هي تنشط في الخفاء بتقديم الدعم والتحريض لطالبان بالخروج على الحكومة الأفغانية وإعادة سيطرتها على البلاد، ولم يحدث أبدا أن تعرضت هذه الشركة أو أحد من أفرادها لأي هجوم أو عملية تخريبية وهذا يدل على التنسيق الكامل بين شركاء الإرهاب في الداخل الأفغاني (تنظيم الحمدين وجماعة طالبان واستخبارات الحرس الثوري).

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال