فايع آل مشيرة عسيري

ما تحتاجه الثقافة

الجمعة - 02 فبراير 2018

Fri - 02 Feb 2018

تعرف الثقافة لغة بأنها كلمة مشتقة من الجذر الثلاثي (ثقف)، فيقال: ثقاف الرماح بمعنى تسويتها وتقويم اعوجاجها، وأيضا تستخدم مع تثقيف العقل، ومن معانيها ما يفيد الحذق والفطنة والذكاء، يقال ثقف الشيء أي عرفه وحذقه ومهر فيه، والثقيف هو الفطين، وثقف الكلام أي فهمه بسرعة، ويوصف الرجل الذكي بأنه ثقف، والثقافة بمعناها الشمولي نمو معرفي تراكمي على المدى الطويل؛ بمعنى أنها ليست علوما أو معارف جاهزة يمكن للمجتمع أن يحصل عليها ويستوعبها ويفهمها في زمن قصير، وإنما تتراكم الثقافة عبر مراحل طويلة من الزمن حتى تنتقل من جيل إلى جيل، فثقافة المجتمع تنتقل إلى أفراده الجدد عبر التنشئة الاجتماعية..!

وإذا حاولنا أن نوحد الرؤى حول محور الثقافة في وطننا المملكة العربية السعودية نجـد أن الأندية الأدبية ولجانها الثقافية هي المحور الأساسي للحراك الثقافي، وما يردفها ويتبعها من جمعيات الفنون والثقافة والمراكز الثقافية والمعاهد، والأكاديميات والمعارض و...الخ، والسؤال الجوهري ماذا تحتاج الثقافة؟!

تحتاج الثقافة إلى دعم حكومي يعيد لها وضعها الطبيعي وذلك بإنشاء بنية تحتية قوية مكتملة ومجهزة بكافة الإمكانات والمرافق كالمسارح ومعارض الفنون والمراكز الثقافية والمعاهد والأكاديميات والتي من خلالها تتيح للثقافة الانطلاق دون عقبات أو قيود، هذا الدعم الحكومي الذي ما زلت مؤمنا بأنه متى ما وجد المال والفكر سيكون قطاع الثقافة حاضرا وبقوة في المشهد الثقافي على المستوى المحلي والخليجي والعربي وسيصدر للعالم ثقافتنا وتراثنا وفكرنا ورؤيتنا للحياة وتعايشنا مع المجتمعات من حولنا ثقافة بحجم وطن!

الكثير يرمي باللوم حين يضع كرة الثلج في مرمى المؤسسات الثقافية ويحملها هذا الظهور الخجول وعدم قدرتها على تقديم برامج ثقافية داخليا وخارجيا، برامج ترضي ذائقة وطموحات المهتمين بالثقافة، وليته يعلم هذا اللائم حقيقة ما تعانيه المؤسسات التعليمية من ضعف الميزانية وتواضع القدرات، فضلا عن وجودها في أبنية مستأجرة تفتقد للقاعات والمسارح والاستديوهات مما يربك عملها وينحصر عملها في بعض الاجتهادات الفردية وتقديم بعض البرامج التي تتناسب وتتوافق مع إمكاناتها المحدودة جدا..!

ومن هذا المنطلق قد نعذر رؤساء المؤسسات الثقافية في ما تقدمه تلك المؤسسات، عطفا على دخلها المحدود وميزانيتها القليلة مقارنة بما يطلب منها، وما لم تدعم دعما حكوميا عاجلا والسماح للمستثمرين في القطاع الخاص بالدخول والمنافسة والاستثمار في القطاعات الثقافية بالتعاون مع صندوق «الاستثمارات العامة» الذي يمنح كافة العقود في إنشاء وبناء تلك المؤسسات الثقافية، بناء على أحدث طراز مراعيا البنية التحتية بكل ما يتناسب مع مرحلة جديدة معنية بصناعة بيئة ثقافية مكتملة البناء يكون فيها القطاع الخاص مشاركا وفاعلا ومستفيدا من التشغيل والصيانة لكافة القطاعات الثقافية، بينما الإشراف والتنظيم يكون معنيا بهما المؤسسات الثقافية.. هكذا قد نرى الثقافة والفنون تسمو بالإنسان والمكان إبداعا متواصلا ونتاجا سعوديا يبهـر كل العالم.

ومضة:

تسعى الهيئة العامة للثقافة إلى صناعة الثقافة وفق رؤية استثمارية مبنية على أنظمة ولوائح جديدة تحلق بالثقافة عاليا وتسمو بها بعيدا.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال