محمد بن زايد.. بلاغة الواقع في محبة المملكة

الجمعة - 02 فبراير 2018

Fri - 02 Feb 2018

في الظروف الطبيعية يبقى المجاز مجازا، وتبقى العبارات الأدبية ضربا من التخيل المحض، ولكن حينما يتعلق الأمر بدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فإن بلاغة التعبير تصبح أكثر واقعية من أي حالة أخرى، فيما تكون الاستعارات في أقصى تأهبها، لأن المحبة العظيمة بين الشعبين قد تحولها إلى ماهو أكثر من مجرد الكلمات.

للأخوة جغرافيتها

هذا ما أدركه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد وهو يعلن في نهاية نوفمبر الماضي عن إطلاق اسم العاصمة السعودية على أكبر مدينة سكنية يجري إنشاؤها في العاصمة الإماراتية، مؤكدا حينها العلاقات الراسخة والمصير المشترك للشعبين، في موقف أقنع الأدب أن فكرة المدن التي تزور بعضها لم يعد استخداما بلاغيا فقط، وأقنع الجغرافيا بأن تتقبل من تلك اللحظة وجود «الرياض» في «أبو ظبي» كحقيقة على الأرض.

إنها الطريقة التي اختارها الشيخ محمد ليعبر بها عن حبه للمملكة ممثلة في عاصمتها، وأن يضع المشروع الأضخم لرفاه سكان الإمارات في قلب مفهوم الشراكة الاستثنائية بين البلدين، وسواء دلت الرمزية على المحبة بوصفها حجر أساس كل بناء، أو على التعاون كمسكن ومستقر، فإن محمد بن زايد أكد هنا أن العلاقة التاريخية التي جمعت بين البلدين في ميادين الشرف والفداء، لا تنفصل عن علاقة أخرى تشمل كل ميادين النماء.

الفعل قبل القول

الوقوف مع السعودية، قلبا وقالبا، في العسر واليسر، بكل قوة وحسم..هي العبارات التي يقولها الشيخ محمد مع كل المتغيرات السياسية في المنطقة، ملتزما بنهج والده الشيخ زايد رحمه الله الذي رسخ علاقات وثيقة مع المملكة وقادتها طيلة فترة حياته، إنها الثوابت التي واصل ترسيخها ولي عهد أبو ظبي في المرحلة الراهنة، لتأتي النتيجة على هيئة شراكة استثنائية تتكامل في أكثر الظروف صعوبة بمنطق الدول الأخرى.

«عمود الخيمة العربية والإسلامية» قد يكون هذا الوصف الأشهر الذي أطلقه محمد بن زايد ذات حديث عن المملكة، وهو الذي يؤكد في كل حديث إلى شعبه أن السعودية هي العمق الاستراتيجي للإمارات، وأن أمن بلاده ليس بأي حال من الأحوال شيئا منفصلا عن أمن السعودية، عبارة تمتلك ميزة إضافية حين تأتي من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، فهي في تلك اللحظة تعني أن الجنود قد وقفوا معا بالفعل.

تنمية مشتركة

وفيما يقود محمد بن زايد نهضة تنموية غير مسبوقة في الإمارات العربية المتحدة، مرتكزا على قناعته بأن مرحلة ما بعد النفط تتطلب ذهنية اقتصادية نوعية وتكاتف جهود طموحة، يؤسس في الوقت ذاته مع قادة المملكة لعمل مشترك مستدام لما فيه خير الشعبين، وهو الذي أشاد بما تمتلكه المملكة من رصيد حضاري وتتمتع به من مقومات طبيعية وبشرية وصفها بأنها «قادرة على تحفيز وتفعيل المشهد الاقتصادي والاستثماري العالمي».

بيت في حب سلمان

وإعلاء للقيمة الأخوية العالية في وجدان قائد معروف بثقافته وفكره، أدخل محمد بن زايد العلاقة المميزة مع المملكة ومحبة قادتها في صميم أدبياته حينما يتحدث مع قادة الإمارات في شؤون دولتهم، فحتى حين يكتب قصيدة (اخوي محمد) مخاطبا فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومعبرا خلالها عن تلاحم الصف وقوة العزيمة وفداء الوطن، لا تنتهي هذه القصيدة دون أن يأتي على خادم الحرمين الشريفين فيقول : (وللملك سلمان وقفات الجبال/‏‏‏ ماتوفّيه القصايد والجمل)

الأخلاقيات في عفويتها

أما على الصعيد الشخصي الأكثر قربا، يقدم ولي عهد أبو ظبي صورة مشرفة تجسد مواقف بلاده ولكن بصورة عفوية في إطار من حبه للمملكة وقادتها، إذ لم تغب عن الأذهان لقطته اللحظية وهو يبادر بتقديم الماء للملك سلمان حفظه الله خلال جلوسهما معا أثناء مناورة رعد الشمال، كما لا يغيب هذا الاحترام الأبوي في كل لقاء مشترك يحرص فيه «أبو خالد» على طبع قبلة تقدير في جبين خادم الحرمين الشريفين.