أمل السليم

الإرهاب الإداري.. آفة المنظمات

الخميس - 01 فبراير 2018

Thu - 01 Feb 2018

«يستقيل الموظفون الجيدون عندما تكون الإدارة سيئة، ويستقيل الموظفون السيئون عندما تكون الإدارة جيدة» بيتر داركر.

من الملحوظ أن التعسف والإرهاب الإداري نتيجة حتمية للفساد الإداري في المجتمعات الوظيفية، فمن المؤسف أن تقاس سلطة المسؤول بقوة نفوذه وعلاقاته الشخصية ليس بمقياس علمه وكفاءته وخبرته المهنية التي تؤهله للمنصب الإداري، فأساس اختيار الأصلح في العمل من أهم خطوات نجاح المنظمات والوصول بها للمنافسة والريادة.

فبضياع هذا الأساس ستضيع الأمانة ويعين من هو ليس أهلا لها مما يتسبب في غياب النظام وفقدان الحقوق وضياع مصالح الناس التي ستكون عرضة للمصالح والأهواء.

ومن أهم صور الإرهاب الإداري إساءة استخدام السلطة، فنجد المسؤول يمارس أبشع أنواع العنف من تهديد وطرد تعسفي وتهميش واتباع عقوبات ظالمة ترجع للمزاجية والأهداف الشخصية مما يسبب الارتباك والخوف الدائم للموظفين، فينعكس ذلك بشكل سلبي على الأداء وجودة العمل.

ويمكن القول بأن هناك عوامل مختلفة تتفاوت في درجة قوة تأثيرها تقف وراء شيوع هذه الظاهرة، من أهمها:

- ضعف النظام الرقابي والمحاسبي الذي يفترض أن يعزز بأنظمة ولوائح لحماية المنظمة والعاملين بها من أي ممارسات تعسفية.

- ضعف ممارسة الديمقراطية والمشاركة الفعالة في صنع القرارات والتي تسهم بشكل مباشر في تنامي ظاهرة الفساد الإداري.

- ضعف الوازع الديني والأخلاقي، فمن الضروري عند تكليف أي موظف بمسؤولية محددة مراعاة أن تتماشى مع قيمه وأخلاقياته التي لا تتنافى مع القيم الأخلاقية الإسلامية.

- الجهل ونقص الوعي (الفكري، المهني، القانوني.. إلخ) لدى المدير أو الموظف مما يجعل الموظف سهل الانقياد ويقع ضحية للمارسات التعسفية، لذلك لا بد من تحديد معايير وضوابط عند شغل الوظيفة أيا كانت لحمايتهم من هذه الممارسات،

وغالبا تظهر نتائج هذه المشكلة في الموظفين الذين يتم توظيفهم عن طريق الواسطة والمحسوبية فتجدهم يجهلون أبجديات العمل الإداري بل ويجهلون حجم المسؤولية في العمل الذي كلفوا به، ولو رجعنا لأدبياتنا الإسلامية لوجدنا مقولة سيدنا عمر المشهورة «لو أن بغلة تعثرت في العراق لسألني الله عنها، لم لم تمهد لها الطريق يا عمر؟!».

فظهور أحد أو جميع هذه العوامل يساعد على وجود قياديين يحاربون الكفاءة ويقاومون التغيير خوفا على مناصبهم، بل ويدعمون مسلوبي الإرادة والفاشلين؛ حتى يتمكنوا من الضغط والتضييق عليهم؛ لتحقيق مصالحهم وأهدافهم الشخصية في ظل غياب الشفافية والمساءلة والتقييم في هذه المنظمات.

ولكن هذه الأنماط الإدارية التي تلجأ للعنف والقهر هربا من مراحل الإصلاح لم تعد تناسب وطنا لديه رؤية طموحة لن تتحقق في ظل وجود بيئة عمل تعسفية لا تتمتع بالديمقراطية والمحاسبة والشفافية.

إن عمليات الإصلاح الإداري وتصحيح إجراءات العمل من أي فساد إداري أو مالي سيساعد في إيجاد بيئة عمل منتجة للإبداع والتميز، خاصة أننا نمر بمراحل تنفيذ رؤية المملكة 2030 ضمن برنامج حوكمة العمل الحكومي للوصول إلى وطن طموح.. اقتصاد مزدهر.. مجتمع حيوي.

وأخيرا؛ سنعمل جميعا عاملين وقيادات ـ بإذن الله ـ لتحقيق ما يصبو إليه خادم الحرمين الشريفين من أجل الوطن «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك..».

هذا طموحنا جميعا فشاركونا تحقيقه!