موتوا بغيظكم

الخميس - 01 فبراير 2018

Thu - 01 Feb 2018

ولدنا من بطون أمهاتنا، وعشنا وترعرعنا في كنف هذا الوطن الغالي، فروى لنا أباؤنا عن تاريخه المجيد وأطرافه المترامية، وحكامه العظماء، فلم يزدنا قولهم إلا ولاء له ولترابه الطاهر. فقضينا مرحلة الطفولة وبعدها الشباب إلى أن كبرنا بمختلف أجيالنا السابقة والتي تلتها، ونحن نزداد عشقا وولاء لوطننا وولاة أمرنا، فقد نشأنا على العقيدة الإسلامية السمحاء في ظل حكومتنا الرشيدة التي استمدت دستورها من القرآن الكريم ومنهجها السنة النبوية المشرفة، فنهض الوطن بعزائم الرجال وحنكة الملوك الأوفياء، فأولينا خدمة الحرمين الشريفين جل اهتمامنا كونهما قبلة المسلمين في العالم أجمع، وسعينا لتوفير كل وسائل الراحة لقاصديهما من حجاج ومعتمرين، وأنفقت الدولة مليارات الريالات لتهيئ للقادمين إليها كل سبل الراحة والطمأنينة، وتأتي توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة على مراحل مختلفة وبميزانيات ضخمة تتجاوز ميزانيات بعض الدول برمتها، ليس إلا لتحقيق رغبتنا في أن نكون على قدر من المسؤولية تجاه خدمة ضيوف الرحمن.

كما بنينا الوطن في شتى المجالات حتى ازدهر الاقتصاد والطب والتعليم والتجارة والأمن وغيرها، فأصبح الوطن مترامي الأطراف أشبه ما يكون بقرية صغيرة تعمه نعمة الأمن والأمان في عيش رغيد وحياة كريمة. ولم نقف عند هذا الحد، فقد كان لدورنا الإقليمي والدولي بصمة في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية، والإنسانية، فكانت القضية الفلسطينية هاجسنا الأول قبل كل شيء ومشاركتنا في كل ما يخدمها لا تخفى على أحد.

ومواقف المملكة العربية السعودية الخارجية لا حصر لها ولست في مقام سرد ذلك للقارئ الكريم، ولكن أحببت فقط أن أبين ما ولدنا ونشأنا عليه منذ نعومة أظافرنا من حب وولاء لوطن مهما قدمنا له لن نوفيه حقه علينا.

ولو أنني ولدت في خيمة في منتصف صحاريه وبين الإبل والأغنام، وأكلت من رطب النخل وشربت من حليب النوق، وبقيت متنقلا في أرجائه ولم أستفد من تعليمه ولا طبه ولا غيرهما، وكبرت وأصبحت شيخا حنى ظهري الزمن، وأحرقت الشمس وجهي وتشققت قدماي من المسير على ترابه، فسأبقى وطنيا أفديه بدمي ومالي، وسأحدث أبنائي بما حدثني به أبي وأجدادي، وسأغرس فيهم معنى الحب والانتماء لهذا الوطن المعطاء، فلم يحب أبي وأجدادي هذا الوطن لمصلحة أو لهدف أو بمقابل يرضيهم، وهكذا ورثنا هذا الولاء منهم وسيرثه أبناؤنا من بعدنا، جيلا بعد جيل، وليس هذا من عاداتنا أو تقاليدنا فقط، وإنما هو من واجباتنا تجاه وطن لا نقبل فيه القول ولا الهمز واللمز لا من قريب ولا من بعيد.

في واقع الأمر، إننا لا نملك خيطا وإبرة لنخيط أفواه المتبجحين أصحاب (النباح) على دولتنا وشعبنا، ولكننا نملك تاريخا ناصعا نلجم به أفواههم ونكسر به أقلامهم ونحطم به أحلامهم.

من المؤلم أن نرى من قبل بعض الأعداء والمغرضين عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإساءة للوطن ورموزنا الوطنية بطرق شتى، منها مقاطع وأخرى تغريدات أو مقالات بصحف خارج الوطن، ولا يخفى على الجميع ما تعده بعض القنوات الفضائية من برامج لهذا الهدف لتشويه مسيرة العطاء والنماء.

ولكن من المفرح جدا إيماننا التام بأن الوطن الغالي فيه من الشرفاء الأوفياء ممن يضرب بهم المثل في الوطنية والتضحية الذين يعطونا نظرة أمل للمستقبل، فنسد آذاننا عن كل (نباح) يزعجنا.

وانطلاقا من انتمائنا ووطنيتنا وغيرتنا على تراب الوطن وولاة الأمر وكل الشعب، فإننا لا نقبل المساس بهم قولا وفعلا، وسندافع عنهم بكل ما أوتينا من قوة، وفي ساحة الإعلام بالذات، وهذا ليس إلا قليل من كثير، وفعلا، وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه.

(.. وطني الحبيب روحي وما ملكت يداي فداه).