السعودية.. محور ربط القارات الثلاث

الاثنين - 29 يناير 2018

Mon - 29 Jan 2018

برزت شبه الجزيرة العربية منذ القدم كواحدة من أهم المواقع الاستراتيجية للأنشطة التجارية حول العالم، فكانت رحلة الشتاء والصيف الشهيرة، وطريق البخور المعبر التجاري الدولي بين الشرق والغرب آنذاك، وجسر التواصل بين الشعوب بمختلف الثقافات، فهو يمتد من سواحل بحر العرب جنوبا حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط شمالا، ويتفرع منه طريقان أحدهما يتجه إلى نجد وسط الجزيرة العربية، والآخر يتجه إلى بلاد الشام.

هذا الموقع المميز هو أحد مكامن قوة المملكة التي تشكل الجزء الأكبر من مساحة شبه الجزيرة العربية، فقد أكدت رؤية 2030 على ذلك ضمن ركائزها الثلاث، وأن تصبح المملكة محورا لربط القارات الثلاث، وفي هذا إعادة لإحياء الدور القديم الذي كانت تلعبه شبه الجزيرة العربية عبر إنشاء وتطوير منصات للخدمات اللوجستية لزيادة فعالية تدفق الموارد المختلفة من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك؛ لزيادة إيرادات الدولة من المصادر غير النفطية.

يحتل هذا القطاع أهمية كبيرة في اقتصادات الدول المتقدمة وبعض اقتصادات الدول النامية، ففي إمارة دبي على سبيل المثال يشكل حوالي ما نسبته 40% من حجم الناتج المحلي للإمارة، لذلك تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في المرتبة الثالثة ضمن قائمة أكبر خمس دول تستورد منها المملكة احتياجاتها عبر ميناء جبل علي الذي يستقبل الكثير من ورادات المملكة التي يتم تصديرها برا إلى المملكة عن طريق الإمارات بسبب سهولة الإجراءات والسعة الكبيرة للميناء مما يوفر الكثير من الوقت والمال، وهذا يعني خسارة الموانئ السعودية لصالح ميناء جبل علي، حيث لا تزال بعض مكونات منظومة الخدمات اللوجستية في المملكة والتي تشمل الجمارك - شبكة النقل البري (الطرق - القطارات) - المطارات - الموانئ تعاني من ضعف عام في المستوى، فعلى سبيل المثال لا يزال يمثل التأخير في إجراءات التخليص الجمركي العقبة الأبرز في سبيل تطوير الخدمات اللوجستية، وكذلك البطء في تنفيذ مشاريع قطارات البضائع لربط المدن ببعضها بعضا، فالحاجة ماسة لربط ميناء الملك عبدالله على ساحل البحر الأحمر بميناء جدة الإسلامي، وربطهما بالميناء الجاف بالرياض، وموانئ الخليج العربي، وربطها أيضا بالشبكة الخليجية، ومستقبلا بجسر الملك سلمان الذي سيربط السعودية مع مصر، وتطوير الموانئ لتتمكن من استقبال السفن الكبيرة مع إنشاء مناطق حرة بها لإضفاء ميزة إعادة التصدير إلى دول أخرى، وأن يتولى صندوق الاستثمارات العامة تأسيس شركات للاستثمار في نشاط الخدمات والصناعات اللوجستية المرتبطة بها من التخزين والنقل والتوزيع وغيرها، فالمملكة تستحق دور الريادة إقليميا على الأقل في تقديم الخدمات اللوجستية لأسباب كثيرة من أهمها كما ذكرنا الموقع الاستراتيجي الذي يميزها بسهولة الدخول إلى أهم الممرات البحرية الدولية (مضيق هرمز - مضيق باب المندب - قناة السويس) والاستثمارات الكبيرة في تطوير الطرق البرية والمطارات الجديدة (مطار حائل المحوري)، وبيئة الأعمال المستقرة والتي تتحسن تدريجيا، فالهدف كما ورد في رؤية 2030 هو الوصول بالمملكة إلى المرتبة 25 عالميا بحلول عام 2030 في مستوى صناعة وتقديم الخدمات اللوجستية التي تعد بحق العمود الفقري للتجارة الدولية، وأحد ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي.

alyemni_aziz@