عبدالله المزهر

براءة الأوراق من دم الصحافة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 28 يناير 2018

Sun - 28 Jan 2018

توقفت عن كتابة المقال لأسبوعين كنت آمل أن أتمكن خلالهما من إنجاز بعض الأمور العالقة، وأن أبدأ في بعض المشروعات المتعثرة منذ سنوات، والحقيقة أني نجحت في الحفاظ على هويتي لأني لم أنجز شيئا، ولم أبدأ في أي شيء، وحين انتهى الأسبوعان وبدأ الزملاء في الجريدة يلمحون إلى أن الأمر قد طال قليلا حيث كان الاتفاق هو «بضعة أيام» وجدت أن المكسب الوحيد من هذه الإجازة هو أن إيماني بكسلي قد زاد، وأن وفائي لطباعي السيئة هو وفاء متأصل يصعب زعزعته والشك فيه.

ولم أجد بدا من العودة السريعة قبل أن تغلق الصحيفة، فالحديث هذه الأيام كثير عن الصحافة الورقية وعن تراجعها وقلة حيلتها وضعفها وهوانها على الناس.

وقد أضفت قانونا جديدا لقوانين «مورفي» ينص على أن الصحافة الورقية ستزدهر وستدعمها الحكومة وتغدق عليها من الأموال والإعلانات والاشتراكات، لكنها ـ أي الحكومةـ ستكتشف أن كل هذا كان هدرا غير مبرر وتتوقف عنه بمجرد انضمامك لصحيفة ما.

وبعيدا عن كسلي وحظي الجميلين، فإن الحديث عن أزمة الصحافة الورقية يبدو غريبا بعض الشيء، لأنه يركز على الوسيلة دون تطرق للمحتوى، فالمهم أن تكون الصحيفة صحيفة حقيقية سواء كانت تنشر موادها على ورق البردي أو على جدار أو تنشره في موقع الكتروني. ولذلك فإن الحديث عن «أزمة الصحافة الورقية» يبدو حديثا عن أزمة غير حقيقية، لأن المشكلة في الواقع هي «أزمة صحافة».

وحين نعلم أن ترتيبنا في قائمة حريات الصحافة هو (168) على مستوى دول العالم فإننا يجب أن ندرك أن «الورق» لا علاقة له بأزمتنا الحقيقية.

إن كان الإعلام موجها للناس فإن الخطوة الأهم هي كسب ثقتهم، والأمر المتفق عليه حتى قبل اختراع الانترنت وقبل ظهور وسائل التواصل بعقود أن ثقة «الناس» في الصحافة (الورقية والإذاعية والتلفزيونية) وبما ينشر فيها تكاد تكون معدومة، وكانت الصحافة الورقية تحديدا أقل وسيلة يثق فيها الناس لدرجة أن عبارة «كلام جرايد» تعني: كلام غير صحيح وليس محل ثقة.

الصحافة التي لا يخشاها المسؤول ولا يقيم لها وزنا ليست صحافة حقيقية بغض النظر عن الوسيلة التي تستخدمها للنشر، والصحف والقنوات التي تتلقى عناوينها وأخبارها وتقاريرها عن طريق «التوجيهات» يمكن تسميتها بأي شيء آخر غير الصحافة، وهذا ليس أمرا سيئا، وكل ما في الأمر أنه ليس عملا صحفيا، وهذا لا يعيبه بالطبع.

وعلى أي حال..

المسألة لا علاقة لها بالإعلام الجديد ولا بالقديم، وحين لا يثق الناس حتى بحسابات الصحف في تويتر ولا بالصحف الالكترونية فإن المشكلة تبدو واضحة، فالناس لا يكرهون الورق، ولكنهم يكرهون أشياء أخرى.

@agrni