عبدالله الجنيد

هلا بالخميس

الاحد - 28 يناير 2018

Sun - 28 Jan 2018

للتوضيح فقط: لا صلة لمدلولات «العنوان» ببعض ما يتم تداوله يوم الخميس.

كتب الصديق والأستاذ عبدالعزيز الخميس في السادس والعشرين من يناير الجاري مجموعة تغريدات تناول فيها حال الصحافة الورقية في عالمنا العربي. وأورد للسيدات والسادة نص أولها ‏« يدور في الساحة المحلية بل والدولية الحديث عن تراجع نفوذ وقوة الصحافة الورقية، وأسباب ذلك كثيرة، لعل أهمها أنها لا تقدم ما يشبع نهم المتلقي، وأن إداراتها لم تفهم التغيرات والتطور، كما أنها أهملت الصحافة الاستقصائية واهتمت بالرأي، ناهيك عن طوفان برامج التواصل وهيمنة التلفاز».

أعتقد أن أبا إبراهيم قد تقدم بورقة عمل تنفيذية للسيدات والسادة وزراء الإعلام ورؤساء التحرير، وإن هم أحسنوا القراءة فإنهم سيخلصون لتلمس المخارج العملية. وأقتبس جزءا من مقال سابق نشر هنا تحت عنوان «قهوة مع الرئيس» في 03 /‏‏10 /‏‏2016: أعمدة رؤساء التحرير - قبل الصحافة الرقمية - كانت أهم حدث الأسبوع إن لم يتحول بعضها لجزء من الإرث السياسي الوطني أو العربي، فهم من يجالس الرؤساء والملوك ولهم الصدر في المجالس.

أما الآن فقد تحول أكثرهم إلى ما يشبه الإداري، وآخرون تاه منهم الشغف بالمداد والورق فتيتم الحرف. إلا أننا سنحسن الظن فنقول إنهم يفسحون الساحة لأقلام جديدة، إلا أن طول الغياب يولد الجفاء، وبافتراض أنهم يدردشون فيما بينهم حول كل الأمور موظفين في ذلك تطبيقات حديثة مثل واتس اب (WhatsApp) وهو مما فرضته تكنولوجيا الإعلام على الصحافة التقليدية كأعراف جديدة لن يكون التحول الرقمي آخرها، فإن على صحافتنا التحول من التفكير والانتقال إلى الصحافة التفاعلية. فالصحافة «ورقيا» العالمية انتقلت من الرقمية إلى التفاعلية المرئية (فيديو)، وكاتبها اليوم أصبح أقرب لمعد برامج يرفد المقروء بالمرئي ليضيف بعدا آخر لأدوات التواصل مع المتصفح. لذلك قررت اليوم تمثيلكم بدعوة رؤساء التحرير بالانتقال بدردشتهم الخاصة إلى مرئية تفاعلية، ولتكن «غرفة» تحت عنوان «فنجان قهوة مع رؤساء التحرير أو قهوة مع الرئيس».

ربما أن أكثر ما شدني في تلك التغريدة لأبي إبراهيم قوله إنها «أهملت الصحافة الاستقصائية واهتمت بالرأي»، وهنا سأتفق معه جملة وتفصيلا. أين صحافة الاستقصاء التي صححت بعض مسارات التاريخ السياسي والاجتماعي، أين الصحافة التفاعلية في التعاطي مع اهتمامات القارئ أو المختص.

ولنأخذ مثلا على ذلك، يا ترى لو تقرر اليوم التوقف عن نشر 90% من مقالات الرأي التي تتعاطى مع الأزمة القطرية أو الإخوان فهل سيغير من موقف الغالبية العظمى من مواطني دول الرباعية العربية. الحقيقة الأخرى الغائبة عن السادة القائمين على السياسات التحريرية لإعلامنا المقروء والمرئي أن لا وجود لإعلام «سلبي» والدليل فوز الرئيس ترمب في الانتخابات الرئاسية. فقد حولت تلك التجربة مفاهيم الإعلام السياسي وقادت لحالة تعاطف شعبي مع ترمب الثائر على فساد المؤسسة السياسية ومحاباة الإعلام الأمريكي. عندما سئل معالي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أكتوبر ونوفمبر من العام الماضي عن موقع الأزمة القطرية من حيث الأولويات على أجندة الخارجية السعودية، كان رد الوزير مقتضبا جدا «الأزمة القطرية صغيرة جدا جدا جدا، ويجب ألا تشغل انتباه الناس وهناك مسائل أهم منها بكثير». فإن كان ذلك هو الموقف الرسمي من هذه الأزمة فلماذا نصر على إغراق فضاءاتنا الإعلامية بهذه الأزمة، لأننا بذلك نحقق للخصم عدة أهداف أولها تسويق «مظلوميته»، أما ثانيا وذلك الأهم، فهو إهدار مواردنا بدل توظيفها في خدمة ملفاتنا الحيوية.

معضلة إعلامنا هي الإغراق في مناطقية التناول والفقر في تقديم المحتوى المطلوب، لذلك قد نقترح على السادة رؤساء التحرير هدم جدران مكاتبهم وسؤال الشباب كيف هي المجتمعات الجديدة في المدن الاقتصادية الجديدة، أو في التعريف بهذه المجتمعات الجديدة بدل تناول القضايا الناتجة عن التكدس البشري في المدن التقليدية. وبدل الإسراف في الحديث عن التعطل لنتحدث عن نجاحات الشباب في تلك المدن. شبابنا الخليجي بدأ يدرك أن هناك الكثير من فرص النجاح في قطاع الخدمات، وقد يكون في ثقافة المطبخ الخليجي تكامليا أحد أهم أسباب النمو المطرد في هذا الجزء من قطاع الخدمات. أو ماذا عن التعريف بالسلسلة المتكاملة لإنتاج أي طبق في قائمة طعام، فنحن الآن نتحدث عن رفع مساهمة (المحتوى) المنتج المحلي اقتصاديا. وإليكم مثالا من الواقع، في الأسبوع الماضي أنتج أحد السعوديين من الأحساء سكرا من التمر، لنتصور الاحتمالات الممكنة لمشتقات هذا المنتج. بالنيابة عن الجميع أتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ عبدالعزيز الخميس، وربما قد يوجه أبو إبراهيم دعوة للسادة وزراء الإعلام ورؤساء التحرير لطاولة نقاش، لكن بافتراض إن جاءتهم تلك الدعوة (وهنا أنا أحرض عبدالعزيز بالمفتشر على قول إخوانا المصريين) فنرجو ألا تكون «هلا بالخميس» وبعدها «والله يا ليت، بس أنا مشغول في هذا التاريخ».

aj_jobs@