إسماعيل محمد التركستاني

الخدمة المدنية ..والتأمينات الاجتماعية

السبت - 27 يناير 2018

Sat - 27 Jan 2018

خلال الأسبوع الماضي استقبل بريد العاملين بوزارة الصحة رسالة وزير الصحة، وكان من محتوياتها: أريد أن أؤكد لكم جميعا أنه لن يكون هناك إلزام لموظفي الخدمة المدنية بالانتقال إلى نظام التشغيل الذاتي ولا العكس، بل سيبقى الخيار للموظف (انتهى).

الحديث الساخن بين العاملين في القطاع الصحي الحكومي عن الخصخصة، وفي ظل الاختلاف بين قوانين الخدمة المدنية والتأمينات الاجتماعية ومصطلحاتها مثل تبادل المنافع! ينتهي الحديث بين تلك المجموعات إلى ترديد مقولة: خلها على ربك!

نعلم أن هناك العديد من الأسباب الجوهرية التي تنادي بضرورة انتقال الخدمات الصحية الحكومية من مظلة الصرف الحكومي إلى مظلة الاستثمار الصحي، وذلك لوجود العديد من المنافع في خصخصة الرعاية الصحية.

ولأننا متفقون على أهمية الاستثمار الصحي، فإن حديثي هنا سوف يكون عن آلية انتقال الممارس الصحي بين نظامي الخدمة المدنية والتأمين الاجتماعي، والتي أتت آلياتها متطابقة تماما مع آلية انتقال العاملين في قطاع الاتصالات وهيئة الطيران.

وفيها أن من يمتلك سنوات عمل تقل عن الـ20 عاما في قطاع الخدمة المدنية (التقاعد المدني)، فإن عدد تلك السنوات سوف يتم نقله (بدون أي عوائق قانونية) إلى مظلة التأمينات الاجتماعية (ويا دار ما دخلك شر!)، أما من يتجاوز عدد سنوات خدماته الـ20 عاما (خاصة من تجاوز 25 عاما) فيكون أمام خيارين، هما: التقاعد المبكر والذهاب للعمل في أي قطاع غير قطاع وزارة الصحة! والخيار الثاني: الانضمام إلى نظام التأمينات بمسمى التشغيل الذاتي، والقبول التام بكل الشروط (حلوها ومرها) التي سوف تملى عليه!

أدرك تماما أن اللجان التي تعمل على انتقال الممارسين الصحيين مكونة من خبراء وهم على اطلاع وسعة فكر بكل الأمور، ومنها: ماذا يعني لهم امتلاك الممارس الصحي خبرة عملية في القطاع الصحي سواء كان طبيبا أو ممرضا (مثل القابلة) أو ممارسا صحيا في حقل: العلاج الطبيعي، المختبرات، العلاج الوظيفي أو التنفسي وغيرها (الفنية منها خاصة).

أيضا ماذا يعني تميز الممارس الصحي بأن يكون من الحاصلين على شهادات عليا مثل الدكتوراه أو الزمالة من الكوادر الوطنية أو أقلها درجة الماجستير؟ وكما يعلم الجميع أن درجة الدبلوم الفني هي أكثر درجة مطلوبة للعمل في قطاع الاتصالات وهيئة الطيران مقارنة مع الدرجة الجامعية (البكالوريوس) والنادر من حملة الماجستير الذين ينظر للواحد منهم على أنه من الكوادر النادرة ويعمل في مكتب إداري فخم لا يحلم به العديد من الاستشاريين بوزارة الصحة (حيث تجد ثلاثة أو أربعة استشاريين يتشاركون مكتبا بكرسي واحد)!

وكما هو معروف، فإن من استراتيجيات الصحة دعم برامج الابتعاث والتدريب للكوادر الصحية الوطنية العاملة في القطاع الصحي وحصولها على شهادات عليا وتدريب مميز (وهذا ما نلمسه أيضا في تفكير وزير الصحة الحالي). ويدركون أيضا ماذا يعني لهم عدم رغبة الممارس الصحي المحلي بالانتقال إلى التأمينات الاجتماعية واختيار التقاعد المبكر! وسأقف هنا، لإدراكي بأن الجميع على علم بماهية جوهر المشكلة بين التأمينات والتقاعد.

باختصار، قد يكون من السهل استبدال الإنسان العامل في أي قطاع مهني آخر (غير الصحة) بتطبيقات ذكية، والتي هي الآن متوفرة في سوق العمل (لا يتوفر تطبيق ذكي يعالج المريض الذي يعاني من البروستاتا أو يقوم بعمل القابلة في التوليد).

نعم، النفس البشرية تحتاج في الرعاية الصحية إلى نفس بشرية مثلها تتعامل معها بنفس مفرداتها التي لا تمتلكها تلك التطبيقات (اللا بشرية) التي تتوقف كليا بمجرد انتهاء شحنتها الكهربائية أو ضغطة زر خاطئ، ويقوم المريض بإيصال فيش الكهرباء ليعيد الحياة إلى التطبيق أو العمل بنظام «طفي وشغل»!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال