تمكين الكوادر

الجمعة - 26 يناير 2018

Fri - 26 Jan 2018

نجاح أي فريق عمل في أداء مهامه وتحقيق أهدافه منوط، بعد توفيق الله تعالى، بأداء الكوادر والأفراد للواجبات والأدوار بالشكل اللازم. وكلما كان هناك التزام وولاء من قبل الأفراد، استطاع ذلك الفريق التغلب على أي عقبات وتعظيم الإنجاز وربما تجاوز المستهدفات. ما هو دور القائد ودور المدير في استثمار الكوادر وتوظيفها بالشكل الأمثل؟

القيادة تحفيز وإلهام.. القائد الناجح يتميز بتحفيز الكوادر وحسن توظيف الإمكانات البشرية، مع مراعاة التفاوت الطبيعي في مكامن القوة والضعف بين الأفراد، ومن ثم يعمل القائد الناجح على استثمار ما يتميز به كل فرد، لبناء فريق متجانس يعمل نحو هدف واحد، (فكل ميسر لما خلق له). قد ينجز المدير النشيط مهام مختلفة، وإن تعددت وتعقدت، إلا أنه لا يخلق عملا مؤسسيا، ومن ثم فإن العمل يتوقف وتختل المنظومة عند غياب ذلك المدير لأنه يدير بنفسه أكثر من تمكينه للأفراد من حوله، بينما يخلق القائد المميز بيئة عمل أقل تأثرا بغياب الأفراد، بمن فيهم هو نفسه. وهناك أمثلة كثيرة على بيئات عمل مختلفة كانت حافلة بالنشاط والمشاريع والأعمال لكنها تأثرت بشكل كبير وتلاشى بريقها عندما غاب المدير النشط، وذلك لأنه لم يخلق فريق العمل اللازم لضمان ديمومة الإنجاز، وكان ذلك المدير يتولى تسيير معظم تفاصيل العمل الدقيقة بنفسه.

يتميز القائد بأنه لا ينشغل بالتفاصيل الدقيقة، بل يركز على الموجهات والممكنات الرئيسة، ولا بأس من التأكد بين الحين والآخر من بعض التفاصيل. بينما يغرق المدير في بحث التفاصيل ومن ثم فإنه لا يتمكن من التركيز بشكل كاف على الصورة الكبيرة.

القائد يستطلع دوما الأفق ويرى الفرص ويستشعر المخاطر مبكرا، بينما يكون نظر المدير أكثر انشغالا وقصورا على الوضع الراهن.

القائد يمكن ويدعم ويلهم الأفراد في فريق عمله، بينما المدير لا يستطيع منح أفراده الثقة الكاملة وبالتالي يعجز عن إخراج طاقاتهم الكامنة. وفي الوقت الذي لا يمكن المدير الأفراد من الإبداع لأنه لا يترك مجالا لحرية حركة الفرد بالقدر اللازم، فإن القائد يتلمس مواطن تميز الأفراد ويمنحهم الفرصة لتوظيف إمكاناتهم بشكل أكبر.

القائد يتواصل بشكل دائم مع فريق العمل ويحرص على وجود بيئة تواصل وتفاعل ومشاركة بناءة بين الجميع، ويتخلق بقيم منظومة العمل بشكل كامل ويعطي المثال لباقي الأفراد في ذلك.

ويجب التنويه، إلى أن منظومات العمل قد تحتاج كلا النوعين من الرؤساء (القائد والمدير)، إلا أنه من المهم أن يكون القائد دوما في أعلى السلم الإداري ليقوم بدوره في خلق بيئة العمل المتجانسة بين كافة فرق العمل والتي قد يتطلب العمل في بعضها وجود مدير وفي بعضها الآخر قائد. القائد يصنع قادة.. ويحسن الاستدلال بالنهج القيادي الفريد الذي تميز به سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم قائد عرفته البشرية، في استثمار إمكانات الصحابة رضوان الله عليهم وتوظيف كل فرد منهم فيما يحسنه وفيما سيبدع فيه مستقبلا، ومن ذلك: أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيش فيه شيوخ الأنصار وكبار المهاجرين، واستعماله عليه الصلاة والسلام لخالد بن الوليد رضي الله عنه منذ أسلم على الجيوش لكفاءته في ذلك، بينما قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم). واختياره صلى الله عليه وسلم السفراء بالرسل فقد اختار عليه الصلاة والسلام دحية الكلبي لحمل رسالته إلى هرقل عظيم الروم، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة وكان عليما بالروم، واختار عليه الصلاة والسلام، عبدالله بن حذافة لحمل رسالته إلى كسرى عظيم الفرس، لدرايته بثقافة الفرس ولغتهم، فيما أرسل عليه الصلاة والسلام حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك مصر، وكان أحد فرسان قريش وشعرائها في الجاهلية وله علم بالنصرانية، ومقدرة على المحاورة. همسة للمسؤول: قد لا تحصل على كل ما تتمناه من الموظف، لكن إن حفزته فسيعطيك كل ما يستطيع، وإن ألهمته ليبدع فإنه حتما سيعطيك أكثر مما تتوقع.

mtsimsim@