نجران تصفع أوهام الحوثي

الأربعاء - 24 يناير 2018

Wed - 24 Jan 2018

لم يضع مواطنو نجران وقتا طويلا وهم يستمعون خلال الأيام الماضية إلى أنباء تصدي الدفاعات الجوية السعودية لمحاولات إطلاق صواريخ على مدينتهم بواسطة ميليشيات الحوثيين المتمردة، لعلمهم وإدراكهم أن تلك الصواريخ العبثية التي يطلقها الانقلابيون الحوثيون غير قادرة على الوصول إليهم، نظرا للرقابة المتواصلة التي تفرضها قيادة الجيش السعودي على كافة أجواء المملكة وأراضيها وبحارها، واستحالة تنفيذها لأي من أهدافها، بسبب التقنيات العالية التي تستخدمها المملكة في حماية مواطنيها ومصالحهم وممتلكاتهم. لذلك لم يعلقوا على الأمر واكتفى معظمهم بابتسامات السخرية من الانقلابيين الذين يلجؤون لتلك المحاولات المحكوم عليها بالفشل المسبق، بحثا عن تحقيق نصر معنوي، كلما تزايدت عليهم ضغوط المقاومة الشعبية وضربات طائرات التحالف العربي وهي تدك أهدافهم وتدمر أسلحتهم. وهم يهدفون من وراء إطلاق تلك الصواريخ العبثية – رغم علمهم بحتمية فشلها وعدم تحقيقها أي نتيجة على أرض الواقع – إلى مواصلة خداع البسطاء من أتباعهم، ورفع الروح المعنوية لمقاتليهم الذين تلاحقهم الهزيمة، وتعصف بهم من كل الجوانب.

وتشير تطورات الأحداث الأخيرة في اليمن إلى أن القوات الموالية للشرعية تواصل تحقيق تقدمها نحو استعادة العديد من المواقع التي كانت بحوزة الميليشيات، فها هي طلائعها تطرق أبواب صنعاء، بعد أن سيطرت على معظم الطرق المؤدية إليها، واكتملت عملية استعادة محافظة شبوة، ولم يتبق في محافظة البيضاء بأيدي المتمردين سوى مناطق قليلة، كما أعلنت قيادة الجيش الوطني قرب تحرير كامل محافظة الجوف خلال أيام قلائل. وكذلك استطاعت مقاتلات التحالف خلال الفترة الماضية تدمير معظم مخازن أسلحتهم، وتصفية المئات من قادتهم الميدانيين، وتشديد الرقابة على المنافذ التي كانوا يتلقون عبرها الأسلحة التي تهربها لهم طهران. وكل هذه النجاحات تضيق الخناق على المتمردين، وتدفعهم للتحرك في كافة الاتجاهات، بحثا عن مخرج ينقذهم من الهزيمة الوشيكة، ومنها إطلاق صواريخهم بلا هدى على مدن وقرى المملكة.

ولا يدرك هؤلاء المغلوبون على أمرهم أن عهد إخفاء الحقائق قد ولى إلى غير رجعة، وأن زمن الأكاذيب قد انتهى مع تفجر ثورة المعلومات وانتشار الانترنت، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الإعلام الجديد تنقل الأخبار فور وقوعها، مدعمة بالصور الميدانية، لذلك سارع مواطنو نجران إلى بث خبر إسقاط الصاروخ ونشر صور لأشلائه وهي متناثرة، دون أن تصيب أحدا أو تحدث ضررا،وهم بذلك قد قطعوا الطريق على الأكاذيب التي يطلقها الحوثيون، ومزاعمهم التي لا تنطلي على طفل صغير، لكن يبدو أن أولئك المتمردين، ومعظمهم من الذين لم يحظوا بالتعليم النظامي، لا يدركون حجم المتغيرات التي يشهدها العالم.

وكما يقولون رب ضارة نافعة، فإن الأحداث التي تشهدها مناطق الحد الجنوبي منذ اندلاع عاصفة الحزم كان لها أكبر الآثار الإيجابية على منطقة نجران، فرغم المقذوفات العشوائية والصواريخ الفاشلة، فإنه لم يسبق لي - وأنا الذي ولدت في هذه المدينة المعطاءة، وترعرعت في أحيائها - أن رأيت سكانها بمثل قوة التلاحم التي يتمتعون بها في الوقت الحالي، فقد وحدت بينهم الأحداث، وزادتهم قوة على قوتهم، وصاروا يتفاخرون وهم يقدمون الشهداء، ويرفعون رؤوسهم نحو السماء تيها بأنهم يقفون على ثغر من ثغور الوطن، وفي مقدمة المدافعين عن بلاد الحرمين، حتى المناطق الريفية التي تكاد تلامس حدود اليمن، رفض سكانها مغادرة منازلهم، وظلوا يفلحون أرضهم ويزرعونها، ويعيشون حياتهم بصورة طبيعية، إيمانا بربهم، وثقة في حكومتهم، واستهانة بعدوهم.