فاتن محمد حسين

أين الهيئة التنسيقية من ملتقيات التجارب الناجحة؟

السبت - 20 يناير 2018

Sat - 20 Jan 2018

انتشرت قبل أيام نشرة من مؤسسة جنوب شرق آسيا، وهي لمن لا يعرف هويتها المؤسسة التي تخدم حجاج دول: إندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، والصين..، حيث تعلن فيها عن (ملتقى التجارب والخبرات الناجحة)، وأن الملتقى يهدف إلى نشر المعرفة ونقل الخبرات والأفكار التطويرية بين منسوبي المؤسسة والارتقاء بتطوير وجودة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام.. كما حددت أحد عشر محورا للملتقى منها: الاستقبال، والإسكان بمكة المكرمة والمشاعر، والنقل، والتغذية، والتفويج لمنشأة الجمرات.. وقد اشترطت أن يكون المتقدم من مساهمي المؤسسة أو أحد العاملين بها وألا تتعدى الملخصات 250 كلمة.

وحقيقة فقد أثارت النشرة الكثير من التساؤلات في ذهني.. فمثل هذا الملتقى قد نفذ في سنوات سابقة في مؤسسة (جنوب آسيا – وهي التي تخدم حجاج دول منها: (باكستان والهند وبنجلاديش وسريلانكا وبورما..)، ولها تجارب رائدة في هذا المجال منذ عام 1429، حيث أطلقت الفكرة في ورش عمل للمطوفين من رؤساء مكاتب الخدمة الميدانية، وقدمت على أيدي خبراء واختصاصيين في إدارة وصناعة الخدمات.

وقد أقيمت الورشة خلال الفترة من 23-25 ربيع الثاني 1429، لمناقشة آلية تنفيذ الملتقى، والخطوات الإجرائية، ووضع جدول زمني للأنشطة المختلفة من حيث: الإعلان عن الملتقى، ووضع نموذج الكتروني - ورقي لتعبئة البيانات اللازمة عن التجربة وإرساله للمؤسسة، وتشكيل لجان متنوعة لاستقبال التجارب الناجحة، وفرزها وتقويمها، وإشعار أصحاب التجارب الناجحة بقبول أوراق العمل المقدمة منهم.

وعقد الملتقى الأول في 25-27 شوال 1430 ثم أعلنت النتائج بعد الملتقى، وقد كانت هناك أكثر من 42 تجربة رائدة في الملتقى الأول، و29 تجربة رائدة في الملتقى الثاني والذي أقيم في الفترة من 23-24 شوال عام 1431.

وحيث إن التوثيق العلمي الاحترافي هو ديدن مؤسسة جنوب آسيا - أيام مجدها - فقد وثقت تلك التجارب الرائدة وغيرها كثير؛ فالهدف هو الاستفادة أفقيا بنقلها إلى كافة مقدمي الخدمة وفي كافة المؤسسات، ونشر الوعي الثقافي العلمي بين المطوفين والمطوفات، وكذلك عموديا لنقلها للأجيال الجديدة والاستفادة منها في أعمال أخرى إبداعية لتقديم أرقى الخدمات لحجاج بيت الله الحرام.

وبالمناسبة فلدى المؤسسة مكتبة عامرة غنية بالمصادر من مطبوعات موثقة وتجارب رائدة ويمكن لمن يرغب بالنهل منها الاستعارة لكل ما يتعلق بالحج قديما وحديثا.

بل كان التوثيق تكريما لمبتكري التجارب الرائدة واعترافا بجهودهم، وإذكاء لروح التنافس بين المطوفين في ابتكار أعمال خدمية إبداعية أخرى لتحقيق الجودة، والشمولية، والسرعة في إنجاز مهام الخدمات والتجارب، كما طابقت أوراق العمل منهج البحث العلمي، حيث أشرف على تقويمها وفرزها خبراء واختصاصيون من جامعة أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة.

وأعود لنشرة مؤسسة جنوب شرق آسيا والتي أعلنت فيها عن الملتقى فأرى ضرورة الاستفادة من الملتقيات السابقة في جنوب آسيا؛ فالبدء من حيث انتهى الآخرون وليس من الصفر.. حتى لا تضيع الجهود ولتجنب التكرار والازدواجية في التجارب. بل والاستفادة من كافة الإنجازات الذهبية التي تحققت للمؤسسة عبر مراحل تاريخية سابقة.

والسؤال الأكثر إلحاحا في ذهني هو: أين دور الهيئة التنسيقية في إقامة ملتقيات للتجارب الناجحة على مستوى جميع المؤسسات؟! فلا تكتفي بالأدوار التقليدية مثل حفل تكريم المتميزين- والتي صاحبها الكثير من التحيز والهدر في أموال المساهمين والمساهمات!

وكان الأجدر من الهيئة توفيرها لمثل هذه الملتقيات العلمية التي تعمل على تحسين وتطوير الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام.

إن كل ما تحتاجه الهيئة التنسيقية:

• تشكيل لجان من المؤسسات لوضع معايير الأداء وضوابط القياس وتقييم للنموذج الموحد لتقديم وعرض آليات التنفيذ للتجارب.

• جعل التجارب كمسابقات وتخصيص جوائز لتحفيز العاملين للمشاركة بتجاربهم وخبراتهم الرائدة.

• تشكيل لجان للتقويم ولكل محور من محاور الملتقى ولا يكتفى بشخصيات من المؤسسات بل من خارج المؤسسات من أكاديميين وأخصائي الجودة الشاملة والإدارة لضمان الدقة والحيادية في التقويم.

• تكريم جميع المشاركين في التجارب من المؤسسات.

إن أعداد الحجاج تتزايد عاما بعد عام حسب الرؤية 2030 لتصل إلى 5 ملايين حاج سنويا، والعاملون في مجال الطوافة يتعاملون مع تحديات مكانية، وزمانية، وكمية، ونوعية في مختلف مجالات أدائهم للخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وهذا يتطلب تشجيع التجارب الناجحة.. فأين الهيئة من التنسيق لإقامة مثل هذه الملتقيات للتجارب، وتعميمها على جميع المؤسسات!

@Fatinhussain