الحروف الهجائية تعدل خطط التعليم

الجمعة - 19 يناير 2018

Fri - 19 Jan 2018

التعليم وخططه المرسومة يهدفان دوما لخلق أجواء مساعدة لمخرجات تؤدي إلى نهضة المجتمع والوصول به إلى درجة الرضى والاقتناع لدى المسؤولين، وإنشاء جيل يمكن الاعتماد عليه في المحافظة على مكتسبات الدولة وتحقيق ما تصبو إليه.

لكن توجد في المجال التعليمي معوقات وعراقيل كما هو الحال في الكثير من الأعمال، وهنا تختلف رؤية تلك العراقيل بين وجهة نظر المسؤول ومدى بساطتها وسهولة طرح الحلول المناسبة لها، ووجهة نظر العاملين في الميدان من صعوبة تلك العراقيل، خاصة أنها تواجههم مباشرة في المدارس.

وهناك حروف هجائية تشكل الكلمات، ورغم وجود الحروف نفسها وعددها، فإن ترتيب الحروف وتغير أماكنها يشكلان فرقا واضحا في المعنى والمفهوم،ومن حيث تغير المصطلح والتوجه، والتغير الجذري في تفسير تلك الكلمات وتوجهها والتناقض في المعنى.

ومن هنا نبدأ بتشكيل تلك الكلمات وتلك الحروف وتغييرها، وترى إمكانية تأثير حركة الحروف الهجائية على تغير خططنا التعليمية.

كل مسؤول يصل إلى التعليم فهو دوما يتحدث عما هو «مؤمل للتعليم»، فهو يجتمع بأصحاب ومديري التخطيط في الوزارة ويبحث معهم أساليب «التطوير»، ومن ثم يظهر كل صاحب فكر ومخطط بفكره ويضعهما أمام ذلك المسؤول من الحلول والمقترحات «لتطوير» هذا التعليم.

وحين نتجه للجانب الآخر الموجود في الميدان وهو «الواقع المؤلم»، نرى ونشاهد عكس ما هو «مؤمل»، نرى أن هناك بعض البيئات المدرسية غير المناسبة وتقديم الخدمة التعليمية بشكل سليم وكامل، فهناك مبان مدرسية مستأجرة متهالكة، لا يمكن مقارنتها بالمباني الحكومية.

وفي مقابل كلمة «تطوير» تظهر كلمة «توريط» حين يتجه المخطط «تطوير» إلى منهجه وأساليبه، فإنه يبحث عن «توريط» من يقوم بتنفيذ هذه الخطط، فكثير من مديري المدارس يرون أنهم «تورطوا» في المهام التي أسندت إليهم، ولا يمكنهم الاعتذار أو عدم تطبيق تلك الخطط، وحجتهم أنهم في بيئة مدرسية غير متكاملة وغير مناسبة، وعلى ذلك نرى بعض مديري المدارس يتذمر ويتهكم من بعض التعاميم التي لا تميز بين إمكانات المدارس ومواقعها الجغرافية في الأحياء.

ويأتي بعض المسؤولين ويقول نحن «نرجو» وهي كلمة تدل على أن ما بعدها ذو دلالة إيجابية وتوجه طيب، فحين تسمع أو تقرأ كلمة «نرجو» في بداية الحديث يتبادر إلى عقولنا النية الطيبة الحسنة، وهي توحي إلينا أيضا بأن واضع الخطط وراسم الأهداف المستقبلية وضع الحل المناسب للمعضلة، ولكن من هم في الميدان يرون أن تلك الحروف بعد إعادة ترتيبها تظهر لهم كلمة «نجروا».

فكلمة «نجروا» التي تعني السحب للخلف وهي معاكسة لما «نرجو»، وتؤدي هذه الكلمة ودلالتها لعدم التقدم والبقاء في الخلف أو السحب إلى ما دون ذلك، وهو معاكس لما يرجو ذلك المسؤول وأصحاب القرار.

من ضمن الخطط لتحسين التعليم ما يسمى «التعليم النشط» وهو تحريك العقلية لدى الطالب وجعله في تفاعل تام داخل الفصل مع المعلم أولا، ومع زملائه الطلاب ثانيا، وجعله في حالة استنفار أثناء الدرس وتوظيف جميع الوسائل الممكنة من عصف ذهني وخلافه، ولكن «الواقع المؤلم» يحول تعليمنا من «النشط» إلى تعليم حمل «الشنط»، وذلك لدى البعض.

وعليه فإننا نرى ما نتمناه في التعليم من «مؤمل» وما هو موجود من واقع «مؤلم» يعتمد على التوفيق والتقريب بين ما هو موجود على أرض الواقع وما هو موجود في رأس من يحمل هم التعليم من «تطوير» وليس «توريط»، فلا يجب أن نضع سويا من لديه بيئة تعليمية متكاملة ونموذجية ومن هم في مبنى مستأجر متهالك، ومن هم في مناطق يوجد بها تعاون تام ومناطق لا يوجد بها تعاون أو تقديم الخدمة بشكل سليم، فنرى العلاقات تلعب دورا في تذليل بعض الصعاب والحصول على الخدمات الموجودة كاملة دون نقص أو قصور.

وإني هنا ومعي كثير ممن يعملون في المجال التعليمي نتمنى أن يتغير الواقع «مؤلم» إلى مستقبل «مؤمل» ونغير «توريط» إلى «تطوير» ومن حمل «الشنط» إلى التعليم «النشط»، ومن «نجروا» إلى «نرجو».

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال