فايع آل مشيرة عسيري

محايل قبلة في جبين التهايم

الجمعة - 19 يناير 2018

Fri - 19 Jan 2018

محايل مدينة الحلم والحقيقة، مدينة الشتاء واللحاف، روح القرية، وأنثى المدن، أصوات الغانيات، حكايات العقبات، شعار ورجم وبقية خطوط الوصل بين بلاد السرو وبلاد التهم، روايات الأتراك، عرس الجن وميلاد الأنس، خطوة شعبية تعيد فينا موسيقى الحياة كما يدندن بها فنان تهامة الكبير عامـر عسكـر.

محايل مدينة القصيدة وروح القصة التي روتها الجدات مناديل صفر ومقالم سود وعيون دعج تزينها عقود الفل وخيوط البرك والرياحين، غناء الحسناوات في ليلة عرسها الشتوي الكبير.

محايل قبلة في جبين كل التهايم، قبلة الحب القديم الجديد، وأن زدت في الوصف يا محايل سأنشد لك لحن الجبل كما يشدو لك بلبل تهامة أحمد المنجحي ويرقص لها القادح.

محايل مدينة الوفاء لرجل الوفاء الراحل الباقي في قلوبنا محمد بن سعود المتحمي، «أبو سعود» رحلت ولم تزل هنا، اليوم أنت روح بيننا، روح توقد فينا جذوة النجاح والتقدم، نسمعك، ونستعيد همتك العالية، نتحسسك وأنت تسابق الخطى نحو المنجـز والإنجاز من العمق الذي قلت عنه ذات مقال إنه عمق الإبهار الذي رسمه ليلا ليكون نهارا.

محايل في ليلة الغياب في وجه الحضور، ليلة الفرح في وجه الحزن، فالفقد واضح والوجد فاضح، والمكان شاهد، والزمان مشهود، والشيح يعرف قاطفه!

محايل المنتصبة في قلب شارع الشهداء وشارع الوفاء بين جدارية ملك الحزم والعزم بريشة بيكاسو الجنوب إبراهيم فاضل، وبين جدارية الوفاء والدمع الكثير من الشجن والدمع والوطن!

محايل فلسفة التناقضات والمفارقات، فالفرح يلبس السواد وإن رأيته مشرقا، والحزن يلبس البياض وإن رأيته مطرقا، وبين الإشراق والظلام رأيت محايل تتوشح البكاء في حداد الأغنية والضوء رغم الظلام.

وكيل محافظة محايل والمكلف حاليا بالمحافظة الأستاذ علي إبراهيم الفلقي حاضر في المشهد وحامل لشعلة التحدي من جديد ليحلق بمحايل عاليا من رفات الفقد والحسرة نحو الأمل والمجد الذي يسكنه.

محايل حضن الليل وصوت الأحلام التهامية التي رأت الأتراك وعقبة رجم وشعار فأهدته قلبها فبات وسيما يكتب تهامة على كل الطرقات الحالمة، هذا الوسيم هو الأستاذ عبد العلام الفلقي الذي راود مقالتي كثيرا عن نفسها بمفرداته الباذخة ونبراته الساحرة وشاعريته الفاتنة وحضوره البهي فقد كان وما زال عنوانا للجمال.

محايل المدينة الخالدة في ذاكرة العابرين وقلوب العاشقين وعازفي الناي وبائعي الفل، مدينة قال عنها عاشق يعرف محايل أكثر من نفسه «ذات مساء كل المدن غافية في سبات الشتاء إلا محايل»!

محايل التي نراها اليوم بكل هذا الاحتفاء والبهاء والألق كانت بجهود وفكر لجنة التنمية الفرعية للسياحية الشتوية بمحايل والتي بدأت لمرحلة النضج عبر سنوات من العطاء والتحدي من الجهد والسهر والتخطيط فكان التجلي والإبهار.

وفي محايل يهاتفني صديقي أبو سامي باتصاله وأنه قد وصل لمحايل، وهو المولود بها.. قادما من الدمام قائلا: وينك عن محايل؟

بذات اللهجة العسيرية المستفهمة..؟! أجبته: بين السروات والساحل.. ضحك وقال: محايل والعود يحن لأصله.

ومضة: يقول صديقي الشاعر أحمد الشهري: لا تسأل التهمان عن أحلامهم.. هم يحلمون مدى الزمان وما دروا.