قاصرات الطرف أم قاصرات الرشد؟

الأربعاء - 17 يناير 2018

Wed - 17 Jan 2018

في المجتمعات المدنية قد تنشأ مصطلحات جديدة لم يكن لها أصداء، وقد يكون لها ولكنها أصبحت تستخدم في غير ما وضعت له. بعض هذه المصطلحات ولدت قضايا لم يكن لها أي وجود في المجتمع، بل إنها أصبحت نواة لسلسة من القضايا والانقسامات داخل المجتمع.

مصطلح القاصر مصطلح ليس بالجديد على المجتمع ويعرف على أنه من قصر نظرها على زوجها فلا تمده إلى غيره، وهو أيضا بمعنى الفتاة التي لم تبلغ الرشد، والرشد عند البعض هو من كان دون سن الثامنة عشرة أو السادسة عشرة، وفي وقتنا عندما يطلق فالمقصود به قضية زواج الفتيات صغار السن، وإطلاقه عليهن من باب إضافة صفة – سلبية - غير مؤهلة لصاحب هذا الوصف من استحقاق ما قد يحتاجه كالزواج، مثله تماما كإطلاق وصف المراهق، وغيرها من مصطلحات استجدت في مجتمعنا.

القضية تتجاذبها المصالح والمفاسد، وكل فريق يحشد ما لديه كي يفحم به الطرف الآخر، وبالنظر إلى الأصل فالأصل في الزواج الإباحة، والذين يمانعون من زواج الفتاة الصغيرة يبنون آراءهم واقتراحاتهم على ما قد تعانيه القاصر من سلبيات وأضرار عندما يتم تزويجها في عمر معين تم تحديده من قبل أصحاب هذه الآراء، ولا أعلم ما هو مستندهم، كي يحددوا للناس ما لم يحدده الشرع ولا العرف. وعلى فرض أننا سلمنا بوجود كل تلك السلبيات التي جمعوها وبعضها ابتدعوها، السؤال الذي يطرح نفسه: هل زواج الكبيرة يخلو من أي سلبيات أو أضرار؟ إن مثل هذه الآراء تعد من الوصايا على مجتمع يعي ما يحتمه عليه واجبه نحو فتياته، كما أنها تعد من الأمور الشخصية والتي من المفترض ألا تتجاوز قناعة الولي والفتاة وما يرونه من مصلحة، فقد يكون من المصلحة زواج الفتاة مبكرا في سبيل حصولها على حياة هانئة، وأيضا تقليل الحمل والعبء على الوالدين، بل إن العرب في السابق كانوا يضعون بعض أبنائهم عند أقاربهم الميسورين من أجل تقليل حمل وعبء المعيشة فترة من الزمن، فكون الفتاة تكون في عهدة الزوج بلا شك أنه أولى وأحرى. في الواقع مثل هذه القضايا التي تطرق في مجلس الشورى إذا أخذت أكبر من حجمها وأكثر من وقتها، عدت من اللغط وسقط المتاع وتضييع الوقت، وإن المجتمع وللأسف منذ سنوات وهو في حالة عزوف عن الزواج من قبل الشباب والفتيات، وهو أمر معلوم رغم وجود المحاولات من هنا وهناك والتسهيلات والمساعدات لسد الفجوة من بعض الجهات. ولست بحاجة لذكر عدد الفتيات غير المتزوجات - ولا أقول العانسات - فكل بيت يعي هذا الأمر، فهل من الصواب أن تتم مناقشة قضية لا يعلم حقيقة مفسدتها من مصلحتها إلا أصحابها، ونترك الغالبية ممن هم يتطلعون إلى الزواج ولكنهم لا يجدونه؟!