عبدالمجيد الجلال

الاتفاق النووي الإيراني في مهب الريح!

الثلاثاء - 16 يناير 2018

Tue - 16 Jan 2018

في قراءة عامة لاستراتيجية واشنطن الجديدة حيال طهران، يبدو أنها تتضمن رصدا شاملا لكافة أنشطة إيران المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، سواء الصاروخية منها أو تدخلها العسكري المباشر في سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين، ودعمها كذلك للإرهاب والجماعات المتطرفة.

وهذه الاستراتيجية الأمريكية مغايرة تماما لاستراتيجية الرئيس الأمريكي السابق أوباما التي اهتمت فقط بإنجاز الاتفاق النووي مع إيران، ورفضت ربطه بتدخلات إيران الخارجية، ما مكن الأخيرة من التوغل والتورط الشديد في نشر الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.

وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أكد على هذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، بقوله إن الاتفاق النووي الإيراني لم يعد النقطة المحورية لسياسة واشنطن تجاه إيران، بل تتجه السياسة الأمريكية لمواجهة مجمل التهديدات الإيرانية، الماثلة في إطلاق الصواريخ الباليستية وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

أكثر من ذلك صعد الكونجرس الأمريكي من لغته الصارمة تجاه إيران، إذ اتهم 24 عضوا بمجلسي النواب والشيوخ إيران، بانتهاك ما لا يقل عن 8 بنود من مضمون الاتفاق، ما يشي باتساع دائرة الضغط السياسي والاقتصادي الذي تنتهجه إدارة الرئيس ترمب، تجاه إيران.

كان الرئيس الأمريكي ترمب قد أعلن في 13 أكتوبر 2017 أنه لن يصادق على التزام إيران بالاتفاق، وأمهل الكونجرس مهلة الشهرين لمراجعة الاتفاق النووي الإيراني.. وقد انتهت المهلة في منتصف ديسمبر الماضي، وأعيد إلى البيت الأبيض دون إصدار تشريع بشأنه.

في الأسبوع الماضي، اتخذ الرئيس ترمب قرارا بتمديد تجميد العقوبات الخاصة ببرنامج إيران النووي. ولكن، وإن بدا قرار الرئيس الأمريكي في الظاهر تراجعا أمريكيا بما يخص مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، إلا أنه في حقيقة الأمر بدا خلاف ذلك، فقد تم تقييد تمديد تجميد العقوبات بالمرة الأخيرة، وفي ذلك محاولة أمريكية لإعطاء الدول الأوروبية الملتزمة بالاتفاق فرصة التفاوض بشأنه وتعديله عبر ملحق إضافي، يتم من خلاله الإشارة إلى ضرورة منع إيران من رعاية الإرهاب والتدخل في شؤون المنطقة.

وقد منحت إدارة الرئيس ترمب الأوروبيين مهلة 120 يوما لتحقيق ذلك، أو تعلن انسحابها من التزامات الاتفاق نهائيا.

من جهة أخرى، وللتأكيد على الموقف الأمريكي الحازم، فرضت وزارة العدل الأمريكية عقوبات على 14 شخصية وكيانا إيرانيا لدورهم في دعم برنامج إيران الصاروخي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وقمع التظاهرات الشعبية الإيرانية.

في المقابل ترفض إيران تعديل الاتفاق، أو المساس ببنوده، وقد ادعى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن هذا الاتفاق متعدد الأطراف، وعلى واشنطن الالتزام ببنوده.

على كل حال، المرحلة المقبلة قد تحمل قرارا أمريكيا محتملا بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ما قد يشي بتداعيات مثل هذا القرار على علاقة واشنطن بـروسيا وأوروبا، وحتى الخليج العربي. ومن المتوقع تأثيرات كل ذلك على سلامة واستقرار المنطقة.