لا تجعل الاستخارة شهادة زور

السبت - 13 يناير 2018

Sat - 13 Jan 2018

يقف الإنسان في حياته على كثير من مفترق الطرق، ولا يعلم من أي طريق يذهب، ولا أي الأمور يختار، لذلك صنع الشعوب قديما كثيرا من الأمور التي يعتقدون أنها ترشدهم إلى الطريق الصحيح، والاختيار الأمثل الذي يتناسب مع مصالحهم، ويحقق مبتغاهم خشية الوقوع في دائرة الندم، لذا كانت بعض الشعوب تصنع شكل مثلث، وتجلس في الداخل قبل اتخاذ القرار ظنا منهم أنه يزيد التركيز ويساعدهم في الاختيار، وكانت أخرى تدعي الجلوس تحت الشلال أو المسقط المائي معتقدة أن من شأنه أن يساعد في ذلك، وشعوب تمارس (اليوغا) قبل اتخاذ القرار. وجاء الإسلام وشرع صلاة الاستخارة، وهي طلب الإرشاد من الله سبحانه وتعالى إلى ما هو خير فيه، قبل أن يسلك أحد طرق المفترق.

لكن هناك خطأ كبير يحدث بين الناس في مفاهيم هذه الصلاة ونتائجها، كالذي يصلي صلاة الاستخارة ثم ينتظر الإجابة في أن يضيق صدره أو ينشرح، أو يرى رؤيا في منامه في اقتناع كامل أن هذا الجواب من الاستخارة له في القبول بهذا الأمر أو الرفض! وقد يهدر الفرص أو يؤخرها إلى أجل غير معلوم حتى ينشرح صدره لها! وهذا لم يرد في السنة النبوية ولا في القرآن الكريم أن الإجابة تكون بعلامات نفسية أو عضوية، علما أن المشاكل النفسية تؤثر في صلاة الاستخارة، كتقلب المزاج عندما يكون مريضا، فتارة يرتاح الشخص للأمر وتارة لا يرتاح له، أو أن يكون مصابا بمرض (الاضطراب ثنائي القطب)، في بعض الأيام يكون في ابتهاج وسرور ونشاط صارخ، وبعض الأيام في حالة اكتئاب شديدة، وقد تستغرب هل هذا الشخص الذي تعرفه أو لا!

قد تخرج أعراض المشاكل النفسية بعد صلاة الاستخارة، ويتعقد الأمر، وقد تضيع عليك الكثير ويختلط الحابل بالنابل، وتطلق القرار بناء على ما تعاني من مشاكل نفسية معتقدا أن القرار آت من الاستخارة! علما أن الإنسان هو أكثر من يعرف نفسه، لذلك إن كنت تعتقد أن لديك مشاكل نفسية فكن حذرا أن يختلط الموضوع، وتخطئ في القرار. لذلك الصحيح في صلاة الاستخارة هو أن تدعمها بالاستشارة والأدلة والبراهين، ولا تعتمد على الأعراض النفسية من الضيق والانشراح التي لم ترد بالسنة ولا في القرآن الكريم، لذلك افعل ما تريد بعد الصلاة مباشرة بدون تردد أو قلق، لأن التغيرات الحقيقية تحدث في السماء في قدرك وليست في جسدك، والله سبحانه سيهديك إلى الخير أو يمنعك من الشر سواء ضاق صدرك أو انشرح دون تدخل منك.

قال النووي: يستحب أن يستشير قبل الاستخارة.. وقبل القرار عليك إدراك هذه النقاط:

1- لا تعتمد بالاستشارة على شخص واحد أو من شخصين، لأنك قد تقدم طبق الانتقام له من ذهب، فتنتقم من نفسك وتظلم الشيء المراد بسبب أنك وقعت في استشارة شخص حاقد أو منازع لما تريد.

2- الاستشارة الأولى قوية وتحدد المسار بالرفض أو القبول، ويصعب نزعها لذلك الموازنة في عدد الإجابات السلبية والإيجابية من عدد الأشخاص المستشارين هو الحل الأمثل.

3- فكر في عدد الفرص البديلة والوقت المتبقي الكافي لإيجادها قبل الرفض، هل هي كثيرة بعد رفض هذا الشئ المراد أو لا؟ حتى لا تخسر بشكل كامل، وتذكر أن تخرج بأقل الفوائد أفضل من ألا تخرج بشيء.

لا تحاول البحث عن النتائج المناسبة لك بالكامل، لأنك ستتعب وقد لا تجد الخيار المثالي رغم إضاعة الوقت والإجهاد النفسي والعقلي الذي سيلحق بك، لذلك قاعدة (الجيد بما فيه الكفاية هو جيد بما فيه الكفاية)، كما أشار لها البروفيسور (باري شوارتز)، والنتائج الجيدة بما فيه الكفاية لك هي خيار مناسب، ولا تحاول البحث عن المستحيل أو عما دون المستحيل، وتذكرأن الحياة قصيرة ولن تنتظر الإجابة منك.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال