عبدالله قاسم العنزي

لا لإلغاء المادة 77 من نظام العمل

الجمعة - 12 يناير 2018

Fri - 12 Jan 2018

إن نظام العمل مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين فرد يقوم بالعمل لحساب شخصية طبيعية أو اعتبارية، ويعتبر فرعا من فروع القانون الخاص المعني بتنظيم علاقة الأفراد ببعضهم بعضا، وقد طفا على سطح الرأي العام تذمر الموظف السعودي في القطاع الخاص وخوفه من استغلال المادة 77 التي تمنح رب العمل بمجرد خطة قلم – إذا جاز التعبير – أن ينهي العلاقة التعاقدية بينه وبين الموظف أو العامل، وكما تناقلت وسائل الإعلام أن مجلس الشورى وافق على تعديل المادة 77 من نظام العمل والمعدلة بالمرسوم الملكي رقم (م/ 46) وتاريخ 5 / 6 / 1436.

وبالتأكيد أن العنوان بعاليه لا يروق للبعض، فقد كتبت مقالا سابقا في هذا الموضوع وكنت أقف لصف الموظف أو العامل السعودي، والآن في هذا المقال من الإنصاف أن نقف في صف رب العمل أو الشركة التي لها أطراف مهتمة وأصحاب مصلحة يترقبون أرباحها كل سنة مالية.

وإن الدولة فرضت على القطاع الخاص نسبة سعودة، وفي بعض الأعمال فرضت أن لا يشغلها غير السعودي، فهنا إذا كان الأمر بهذه الإلزامية والموظف السعودي الذي سيشغل لدى الشركة وظيفة وهو غير كفء لها أو أنه غير منتج في العمل كوظائف التسويق أو المبيعات أو العلاقات العامة ونحوها فإن راتب هذا الموظف يعتبر خسارة على الجهة التي يعمل لديها! فكما أن الموظف أو العامل سعودي، فكذلك رب العمل سعودي هو الآخر وله مصالح يحرص على نموها وحمايتها من المخاطر في قطاع العمل، وليس هنالك ثغرة قانونية من الناحية الفنية في المادة 77 بقدر ما هي موازنة في المصالح.

ولنكن منصفين وبتعبير بسيط – الشاطر لا يفرط فيه أحد – لكن الموظف غير المنتج بالتأكيد أن رب العمل أو المنشأة تريد التخلص منه لأنه أصبح عبئا عليها، وبإجماع فقهاء القانون فإن عقد العمل ليس تأبيديا، فمستحيل أن يلزم موظف بالعمل لدى جهة طيلة حياته، وكذلك من غير المعقول أن تلزم منشأة بأن يعمل لديها شخص طيلة العمر!

ففي تقديري أن المادة 77 والتي تحمل أمرين الأول تعويض اتفاقي، بحيث يتفق الطرفان بتعويض معين من نقود مالية، أو القيام بعمل أو غيره لصالح الطرف المتضرر، أو التعويض النظامي الذي نصت عليه المادة، وهو أجر خمسة عشر يوما عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة، أما إذا كان العقد محدد المدة فيعوض المدة الباقية من العقد، وهنا لفتة مهمة أن الموظف الكفء من الطبيعي أنه سيقطع مرحلة متقدمة من الخدمة على الأقل تتجاوز السنوات الخمس، وهنا يكون عقده بقوة النظام قد تحول إلى عقد غير محدد المدة، ومن الصعوبة بمكان أن تفصله المنشأة لأن تعويضه المادي سيكون كلفة مادية عليها، أما الموظف أو العامل الذي تجاوز مدة التجربة وهو غير منتج بالتأكيد فإن النظام فتح المجال لرب العمل لأن ينهي العلاقة التعاقدية دون سبب.

ومن المفترض أن نطالب مجلس الشورى ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية ونؤكد على وجوب تأهيل وتدريب الموظف أو العامل السعودي، وأن تكون هنالك جزاءات على المنشأة أو رب العامل الذي لا يقوم بالتدريب والتأهيل للموظف أو العامل السعودي، وأنه يحق له رفع الدعوى ضده أمام الهيئات العمالية لعدم إعطائه حق التأهيل والتدريب، وهذه الطريقة أعتقد هي الأنسب بأن تكون العلاقة متوازنة المصالح في عقود العمل.