وهل جاذبية الأرض إلا من أعماقها!

الجمعة - 12 يناير 2018

Fri - 12 Jan 2018

كثيرا ما نتردد في أمر ما، أو نحجم عن شيء يتعلق بنا، أو نخفق في الحصول على ما نريد، من دون أي ضغوطات خارجية أو تأثيرات جانبية، بل هو من خلال أغوارنا وأنفسنا، نتيجة ما يعرف بالشعور، وليس أي شعور بل هو الشعور بالنقص، فالشعور بالنقص لا يختلف كثيرا عن الشعور بالضعف، فهما إخوة لعلات، نتجرع عواقبهما وإن لم ندرك ماهيتهما.

إن من يشعر في نفسه بهذا النقص سواء من الناحية الفكرية أو العقلية أو الشكلية أو المادية تتولد لديه مجموعة أحاسيس متراكمة لا يكاد معها يحس للحياة طعما.

فالصعوبات تتوالى عليه، وله في كل موقف وميدان عثرة تعقبها عثرة، ومعها يتعكر صفو الحياة وتطمس أنوارها، فهو عندما يتملك الإنسان يكون مدعاة للفشل والإحباط في أي مرحلة من مراحل حياته، وخاصة للنشء وإن دور الوالدين والمجتمع كبير في تجاوز هذا الشعور، وإن اختلفت منابعه ومصادره، وهل هو نتيجة وضع النشء في العائلة بشكل خاص أو المجتمع بشكل عام؟

لا يهم معرفة الأسباب إن كان هناك وعي وإدراك بخطورة هذا الشعور فالأسباب التي تنشأ في الصغر هي مغايرة تماما لأسباب هذا الشعور في الكبر.

لو نظرنا إلى بعض الناجحين في بعض جوانب الحياة لوجدنا النقص فيهم من بعض الجوانب – ولا بد- ولكن هل كان الشعور بهذا النقص له أثر في حياتهم أو اعتبار؟

يقول الممثل الهندي المشهور شاروخان « في بداياتي أخبرني أحد المخرجين أنني لا أنفع للتمثيل فأنا قبيح»، إن هذا النقص لم يمنعه من النجاح حتى إن نجاحه غطى على كل عيب ونقص قد يراه الآخرون فيه، ولو أنه جعل جل اهتمامه وتركيزه على ما يراه الناس فيه من النقص لأصبح حاجزا يمنعه، لا أقول عن النجاح فحسب، بل عن الحياة بأكملها. من منا لا تنتابه هذه الأعراض ومن منا في منأى عنها؟

وهل لنا أن نمنع الشعور بالنقص من التعرض لنا أو الهجوم علينا؟ بالتأكيد لا فهي فطرة، وإن من الفطرة كذلك مجاهدة هذه الأعراض، فكما أن الإنسان مفطور على ارتكاب الخطأ فكذلك هو مفطور على مجاهدة نفسه على عدم فعل الخطأ، بل إن من الجبن ألا نسعى لإزالة ومقاومة هذا الشعور، فالجبناء هم من يرون الواقع صخرة صماء لا أصل لها ثابت، ولا فرع لها نابت، بالتالي لن تجد بين دفتي حياتهم سوى الهباء وإن وجد شيء فهو الغثاء.

دعونا من العوامل الخارجية دعونا من الفقر والمرض والكبر..الخ دعونا نبدأ من داخلنا ونرى ما فينا وما نملكه، فقوة جاذبية الأرض لا تأتي إلا من أعماقها، والبذرة لا تنبت إلا من صميمها، فما بالنا لا نطلب الكمال إلا ممن هم حولنا ونتجاهل أنفسنا.