القرار الصيب من الملك الطيب

الثلاثاء - 09 يناير 2018

Tue - 09 Jan 2018

شتاء المملكة لهذا العام مختلف تماما، فأجواؤه متباينة ما بين قرارات ساخنة تتعلق بفرض ضريبة مضافة وزيادة في أسعار الطاقة، وما بين غيث ملكي كريم أطفأ لهيب تلك القرارات ليجعلها بردا وسلاما على المواطنين.

أحداث متسارعة يدرك المواطن مضمونها وصعوبة ما تمر به بلادنا من تحولات نوعية في كافة المجالات، وهو ما يتطلب القيام بالعديد من الإصلاحات - ومنها الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن أثرها كان قاسيا ومؤلما على شريحة كبيرة من المواطنين وأكبر من أن تستوعبها عقولهم قبل جيوبهم.

ومع ذلك كان تعامل المجتمع مع هذا الموقف بكل وعي وحصافة، فقد استخدموا وسائل التواصل المختلفة للتعبير عن رأيهم بكل سلمية ومحبة لوطنهم وقيادتهم، فحضرت النكتة والأصوات المتزنة التي عبروا بها عن رأيهم ومدى معاناتهم من تلك القرارات.

لذلك لم يدم الألم طويلا حتى جاءت المعالجات السريعة كالغيث لتعزيز ثقة المواطن بقيادته، وتؤكد مدى التقارب بين القيادة والشعب، والاستجابة لكل الأصوات الصادقة التي أوصلت نبض الشارع بكل مهنية ووطنية عالية.

ومع ذلك لا يمكننا أن نغفل جوانب مهمة يجب أن يدركها كل مواطن، فالإصلاحات التي نعيشها لا بد أن يكون لنا دور في إنجاحها، فإن الدعم الحكومي المستمر لا يعني أن يظل الهدر في الإنفاق، وهو ما يتناقض مع مضمون الإصلاح الاقتصادي، ولم يكن الدعم المحدد بعام واحد إلا لإعطاء المواطن الفسحة والتكيف مع المتغيرات الحالية، لا سيما وأننا في مرحلة تستوجب تضافر الجهود للوصول إلى الرؤية المنشودة.

والعجيب في الأمر أن هناك إجماعا في مجالسنا على وجود الكثير من الأنماط الاستهلاكية الخاطئة التي نمارسها، إسراف في المأكل والمشرب، وعشوائية في التسوق، وهدر للطاقة بلا وعي، وعندما يأتي التحذير من اقتصادي متخصص أو مسؤول يدرك مآلات الأمور يقابل ذلك بكل عبارات التذمر والاستعداء.

وهنا نتساءل ألم يحن الوقت للوقوف ومحاسبة النفس، ومراقبة الله أولا واستشعار النعم التي بين أيدينا، وأن حفظها سبب لدوامها والعمل بها من شمائل ديننا الحنيف، فما لدينا من منح هي محن عند غيرنا، ومستقبل أجيالنا معقود بعد الله بمدى تحمل مسؤولياتنا والحفاظ على مقدرات البلاد من الهدر اللا مسؤول.

فمتى ما بدأ الإنسان بإصلاح نفسه كتب له النجاح والفلاح، فإن الفساد يهبط من الأعلى إلى الأدنى، والإصلاح يصعد من الأدنى إلى الأعلى، وكما قال شيخنا الراحل علي الطنطاوي يرحمه الله (إن باب الإصلاح أمامك أنت، ومفتاحه بيدك، فإذا آمنت بوجوده، وعملت على دخوله، صلحت الحال)، فإن لم تقبل التغيير عليك تقبل الواقع.