وفي السماء رزقكم وما توعدون

الثلاثاء - 09 يناير 2018

Tue - 09 Jan 2018

من يقرأ القرآن بنظرة شمولية يجد الترابط بين الآيات وإن اختلفت مواضيعها، فلا غرابة فهو منهج رباني لنا في هذه الحياة.

من هنا نجد أن الله سبحانه وتعالى أمر بطلب الرزق والاكتساب، ونهى عن العجز والتكاسل وتعطيل الأسباب، قال تعالى (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه..).

من يريد الرزق فعليه بعمل الأسباب التي وعد الله أن يكافئ بها كل مجتهد، من يريد الرزق عليه أن يسعى لطلب العلم الذي يمكنه من الحصول على ما يرغب ويطمح إليه، قال تعالى (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله)، وقال تعالى (ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون..).

طلب الرزق يحتاج لجهد وسعي، فالله لا يعطي من لا يعمل، ولا يستوي عنده من يعمل ومن لا يعمل، على الإنسان أن يجد ويجتهد في طلب السبب، عندها الله يهيئ لكل من سعى تلك الأسباب، قال تعالى «وجعلنا لكل شيء سببا».

وإن فكرت في أمر وسعيت إليه وجدت أن الله يسهل لك الأسباب، فالله كريم يعطي وعطاؤه كثير، لكنه يعطي من يجتهد، ويستوي في ذلك كل الناس. أما الذي يقول «توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت بأن الله لا شك رازقي»، فلا شك أنه يظلم نفسه، فالتوكل لا يعني أن لا أسعى لطلب الرزق وأسباب زيادة الرزق من طلب العلم ومعرفة كل ما يزيده.

وقد روي أن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – رأى بعض الناس في المسجد بعد صلاة الجمعة فسألهم: من أنتم؟ قال: متوكلون، قال: بل أنتم متواكلون، لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض، أما سمعتم قول الله تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله).

رحم الله سيدنا عمر، هو من الجيل الذي فهم القرآن وعمل به، وعلم أن الرزق لا يأتي بدون تعب وبدون العمل بالأسباب.

والذي يقرأ قصص الأثرياء اليوم يجد أنهم بجانب أنهم اقتنصوا الفرص تعبوا وعملوا واجتهدوا أكثر من غيرهم، فكان وعد الله لهم بالزيادة. والذي يقنع بما وصل له من مستوى في الدخل فأمره لنفسه لكن عليه ألا يتذمر وألا يعتقد أن الله يعطي الآخرين أكثر منه.