أحمد الهلالي

منجزات وهمية لأطفالنا عالميا!

السبت - 06 يناير 2018

Sat - 06 Jan 2018

وصف امرؤ القيس المجد بـ (المؤثل) أي العريق الأصيل النقي، فلا يكفي أن يكون مجدا، بل الأهم أصالة ذلك المجد ونقاؤه من كل شائبة، كما في قوله: ولكنما أسعى لمجد مؤثل، وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي.

لا أدري ماذا يصيبنا حقيقة في صناعة المجد، وكيف يغفل بعض الباحثين عن صناعة أمجادهم عن أصالتها ونقائها من كل شائبة، والمؤسف أن تكون أمجادا علمية في عصر العلوم والتكنولوجيا، فمن قصة السيارة (غزال) إلى اتهام بعض الجامعات بدفع مبالغ للحصول على تصنيف عالمي أعلى، إلى القضية المثارة مؤخرا عن مئات الأكاديميين الذين ترقوا بأبحاث منشورة في مجلة (مضروبة)، وليس آخرها ما نشرته صحيفة مكة يوم الأحد 13ربيع الثاني 1439 تحت عنوان (الرياضيات الذهنية خداع للأسر والضحايا أطفال) عقب احتفالات المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي بإحراز أبنائنا مراكز عالمية لا تقل عن (الأول) في دولة جنوب أفريقيا، في مسابقة وهمية كل مشارك فيها يحصل على المركز الأول، ولا تعترف بها وزارة التعليم، وكذلك حذرت منها مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله (موهبة).

في نظري هناك وجهتان للحديث المضمر في أمثلة التصرفات السابقة وما يشاكلها، فإما أن هؤلاء الباحثين عن الأمجاد (مغفلون)، وإما أنهم يرون مجتمعنا ومسؤولينا مغفلين، لن يكتشفوا ما يتجاوز الحدود، والحقيقة أن الاحتمال الثاني يحيل إلى الأول، فلا مغفل سوى من يقع في شرك المخادعين، فيتسرع دون أن يتقصى ويقع (ولو بعد حين) ضحية لتسرعه حين تتكشف له الحكاية على رؤوس الأشهاد، ولات حين ندم.

يجب أن تتخذ وزارة التعليم ونزاهة خطوات فاعلة ورادعة للمتلاعبين بالأسر والأطفال من أجل مآرب تجارية، فلا يعني جهل المواطنين (وثقتهم بالجهات التعليمية الخاصة المكتسبة من إشراف وزارة التعليم عليها) براءة الجهات المسؤولة، بل عليها أن تقوم بواجبها تجاه المجتمع بالتوعية، وتجاه المخادعين أو لنقل (المخدوعين) من الخارج بالمساءلة والعقاب، فما ذنب طفل مميز يكتشف غدا أن مجده الذي كان يباهي به أقرانه كان (وهميا) ولا قيمة له في موازين المنجزات الحقيقية.

أحيي صحيفتنا الغراء، وأحيي الإعلامي المهني فالح القثامي الذي بذل جهدا مضنيا في سبيل كشف الحقيقة للناس من قبل هذه المرة وما يزال؛ لأنه يؤمن بواجبه، فما قيمة الإعلام إن لم يقم بدوره المأمول تجاه وطنه ومجتمعه.

ahmad_helali@