عبدالله قاسم العنزي

الثورة الإيرانية بين هراوات الحرس الثوري والدستور

الجمعة - 05 يناير 2018

Fri - 05 Jan 2018

لم أعد أفهم هذه المتناقضات بين نص دستوري يدعي حق الشعب في التعبير، وهراوات تنزل على هامة رأس الجماهير، وفي حقيقة الأمر حينما نريد الحديث عن قضية دستور في أي دولة فإنه تتبادر إلى الذهن أسئلة عدة، وفي مقدمتها ما مدى سلطة الدستور على إدارة سلوك الدولة؟ ومن له الحق في التشريع؟ وهل الأفراد العاديون قادرون على التشريع؟ أم جميع المواطنين يكونون شركاء في التشريع؟ وهل هنالك مجموعة معينة تمارس حق التشريع؟ فإذا سلمنا جدلا أن هنالك أشخاصا معينين يمارسون حق الشعب انتزاعا، فإنه من البديهي سيضعون القوانين التي تراعي مصالحهم وسيديرون المجتمع نحو غاياتهم الشخصية! وهذا ما يحدث في إيران، فالملالي يتصرفون وفق مصالحهم ومعتقداتهم السياسية، بعيدا عن إرادة الشعب الإيراني وعن مصالحة، فما نشاهده من مظاهرات غاضبة يصور لنا حجم معاناة الشعب من ولاية الفقيه الإقصائية المستبدة.

إن ما اعترف به الدستور الإيراني بحق الشعب في تقرير مصيره باعتبار أن هذا الحق هبة من الله كما جاء في المادة الـ 4 من الدستور، اليوم نشاهده يطير في الهواء مع الغاز المسيل للدموع، ويتناثر من ضرب الهراوات فوق رؤوس الإيرانيين، ويفزع من أزيز رصاص القناصات، هكذا يعمل الحرس الثوري وشبيحة الملالي بالشعب الذي يطالب بمصالحة ومصيره!

يريد أن يستغفل النظام الإيراني الشعب ويروج أنه مقبل على التعافي الاقتصادي، فيما هو مكبل بعقوبات جديدة لا تقل ضررا على حركة الاقتصاد عن العقوبات التي رفعت على خلفية الملف النووي، ناهيك عن انخفاض البترول والأسواق العالمية المترعة ببراميل النفط البخس بدولارات معدودات! فأين العافية الاقتصادية والملالي ليس لهم هم سوى مشاغبة الجيران والتدخل في شؤونهم؟ وإدخال أربع دول عربية في الفوضى بسبب الوجود الإيراني على أراضيها، ولم يعد سرا خافيا على أحد منذ أن نجحت ثورة الخميني وأصبحت ولاية الفقيه هي رأس السلطة في إيران زرعوا في نفوس الشيعة في العالم حب الانتقام ورد المظالم وهذه معروفة في أدبيات المذهب الشيعي السياسي بعقيدة الظلم والتظلم أو المظلومية بأن الطائفة الشيعية مسلوب حقها، وتعيش في دونية والسنة يكفرونهم، إلى غيرها من الادعاءات التي للأسف انطلت على بعض السذج والمرتزقة وأخذوا بها كعقيدة يعادون لأجلها أبناء أوطانهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم بزعزعة الأمن وإثارة الفتنة والطائفية في المجتمعات العربية التي يوجد بها ثنائيات وتعددية.

لا ألوم الشعب الإيراني في أن ينتفض لأجل لقمة العيش، فبعض صغارهم لم يرتووا من الحليب، وأسرهم لم تشبع من الخبز، وشبابهم يتقلب على الفرش يمينا وشمالا من البطالة، والملالي يدعمون الميليشيات الإرهابية في العراق واليمن وسوريا ولبنان بطريقة لا محدودة دعما ماديا ومعنويا.

كما أن اتساع المظاهرات ضد النظام الإيراني وامتداد رقعتها لتشمل أقاليم ومدنا في إيران بهتافات «الموت للدكتاتور» في تقديري أنه على المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية في العالم الوقوف معها، فهي جماهير تطالب بلقمة العيش ورفع الظلم والاستبداد، ولا نستطيع أن نقدر الموقف من حيث النجاح أو الفشل لهذه الانتفاضة، ولكن الأيام حبلى بالجديد.