علي الغامدي

المتاجرون بالمرض

الخميس - 04 يناير 2018

Thu - 04 Jan 2018

قد تشعر يوما بأعراض غريبة تظهر لأول مرة في حياتك على هيئة بثور أو تغير في لون الجلد أو تورم أو آلام أو حتى أفكار غريبة. فتسارع بالتوجه لأقرب عيادة لعمل التحاليل (الشاملة) وفي مخيلتك أنها بوادر مرض خطير على وشك أن تصاب به. وبعد الحصول على النتائج تتجه مباشرة إلى الصيدلية لتحصل على جميع الأدوية المضادة والفيتامينات التي تعوض النقص وتقوي المناعة للنجاة من المرض المحتمل.

هذا السيناريو هو بالضبط ما صممه خبراء يعملون ليل نهار لصالح شركات الأدوية العالمية لجعلك تعيش في حالة هلع مستمر وتدفعك لشراء منتجاتهم. يعود تاريخ هذه الظاهرة بعد تبني شركة Lambert إنتاج مضاد الجراثيم عام 1920 الذي تم اختراعه حديثا آنذاك فقامت بتصنيعه بكميات كبيرة جدا ولم يتبق عليها سوى خطوة واحدة فقط لتحقيق أرباح هائلة، وهي اختراع مرض جديد لدفع الناس لشراء هذا المنتج. فقامت الشركة بالترويج لمرض جديد اسمه Halitosis ويعني رائحة الفم الكريهة، ولم يكن وقتها معروفا في القاموس الطبي، وبعد عدة أشهر فقط أصبح المجتمع يظن أنه المرض الأكثر انتشارا في تلك الفترة، وبالتالي أصبح منتجهم (غسول الفم) هو المنتج الأكثر استهلاكا في أمريكا.

توالت حملات الدعاية المبالغ فيها حتى تجاوز ما ينفق على الإعلانات ميزانيات الأبحاث، وعند ملاحظة المختصين في المجال الطبي لذلك أطلقوا على أصحاب هذه الصناعة (المتاجرون بالمرض). وقد ظهر هذا المصطلح لأول مرة في كتاب ألفته العالمة والكاتبة الأمريكية Lynn Payer عام 1992 فضحت فيه ألاعيب شركات الأدوية العالمية. تعرضت بعدها لحملات شرسة من شركات الأدوية والتأمين وكثير من المؤسسات الطبية لأنها بدأت تهدد أرباحهم.

فالذي يحدث هو أن شركات الأدوية تبنت تعريف المرض وحاولت إحكام السيطرة على مصادر المعلومة الطبية حتى جعلت كل شعور أو إحساس طبيعي ينتابك يصنف ضمن قاموس (علم الأمراض). ولتسويق بضاعتهم كان عليهم اختراع مرض جديد في كل مرة وإقناع الشعوب بثلاثة أشياء: 1 - أن المرض خطير جدا. 2- أنه قابل للانتشار. 3 - أنهم يملكون العلاج.

وقامت بعمل تصنيفات جديدة كنقص الفيتامينات، واضطراب الهرمونات، وتصعيد أعراض أقل أهمية وخطورة تظهر وتختفي بشكل طبيعي. أكثر من ثلث الإعلانات التجارية اليوم تسيطر عليها شركات الأدوية تبث أفكارها على مدار الساعة، حتى أصبحت المجتمعات أكثر خوفا وترقبا للأمراض من ذي قبل. وقد نجحوا في جعل الأشخاص يتوجهون للصيدلية بمجرد الإحساس بحركات الجهاز الهضمي بعد كل وجبة أو بالآلام الطبيعية للدورة لدى النساء.

هذه التجارة تسبب ضررا نفسيا وجسديا كبيرا على مستوى الفرد عندما يفكر ويتصرف كمريض، كما أنها تستنزف المجتمعات اقتصاديا، وإذا تحكم التجار بالطب أفسدوا سمو هذه المهنة.

1 شركات الأدوية تجعلنا نعيش في حالة هلع مستمر

2 ما ينفق على الإعلانات تجاوز ميزانيات الأبحاث

3 تعرف الأعراض البسيطة على أنها أمراض خطيرة

4 تقنعنا بثلاثة مفاهيم:

• أن المرض خطير جدا.

• أنه قابل للانتشار.

• أنهم يملكون العلاج.

5 إذا تحكم التجار بالطب أفسدوا سمو هذه المهنة.

AliGhamdi2@