المناهج المدرسية القديمة بين الجذب السياحي والبحث العلمي

الثلاثاء - 02 يناير 2018

Tue - 02 Jan 2018

إن من نوادر الثروات العلمية اليوم ثروة (المناهج التربوية العتيقة)، وتبدو اليوم مرحلتها في حالة خطرة بعد أن ضاع معظمها وماع بين تبدل الأيام.

ولعل من جل المخاطر أن نفقدها خاصة تلك المناهج التي تشكلت في عصرين هما عصر مديرية المعارف وعصر وزارة المعارف، فمنذ أيام يسيرة ظهر إعلان رقمي ينبئ عن عرض بعضها للبيع في قرابة (70) منهجا دراسيا قديما أقدمها يعود لعام 1356 أي في عصر مديرية المعارف، ولأول مرة أشهدها.

إن المهتمين يعرفون أن هذه المديرية ابتدأها المؤسس يرحمه الله بمكة المكرمة وحرص على نموها وتطويرها، وهذه المناهج خير شاهد على ذلك، ومن خلال ملاحظتي الأولية بدت هذه المناهج في (صحة جيدة) ولم تعتورها عوادي الدهر وملمات الأيام، ومظهرها سليم جدا وفائق التشويق. وليس مجالي هنا الندب الأدبي بل الندب الأثري. كيف نتعامل مع هذه النوادر؟ وبمقدورنا اليوم الإمساك بها ككنز يمكن جذبه وحفظه؟ ولا يخالجني شك أن بعضها اليوم لم يعد منها باق سوى تلك النسخ التي شاهدناها وأظن غالبها اليوم هي في حكم المخطوط الوحيد؟

ولحسن الحظ فهناك جهة حكومية وحيدة يمكن أن تعتني بهذه النوادر، وأقصد بذلك متحف مكة للآثار والتراث بحي الزاهر، فلديهم قاعة جميلة تسمى قاعة تاريخ التعليم ضمن قاعات المتحف.. كما بدا لي من معرفات المتحف وكتيبه فماذا لو استقطبت هذه القاعة تلك النفائس والنوادر؟ لا شك أنها ستضفي قيمة أثرية وتاريخية وثقافية واسعة على المتحف، وتجعل من هذه القاعة مرجعا علميا للباحثين، وتسد عجزا كبيرا في نقص المعلومة التربوية، كما تجعل من المتحف مؤسسة علمية ومرجعية لتاريخ التعليم بمكة المكرمة، فالمناهج المدرسية العتيقة أغلبها كتب وطبع بمكة، وهذا مثبت بترويسات المناهج. فحري بها أن تحفظ بهذه المؤسسة العلمية المكية. ولا شك أننا نخشى عليها من الضياع أو التلف لو لم يحدث ذلك.

إن حفظها يقدم توثيقا علميا فريدا باعتبارها المصدر الأول لأي دراسة أكاديمية عن تاريخ التعليم بمكة المكرمة وعموم المملكة العربية السعودية، وعلى ضوئها يمكن تقييم وتحليل بيانات موثقة عن تاريخ التعليم خاصة وأن جميع المناهج مثبتة التاريخ والطبعة وهو ما يحتاجه الباحث.

وأتمنى من هيئة السياحة والتراث الوطني ممثلة بأمينها العام أن تبذل ما تستطيع لجلب هذه النفائس، فمكة تمتلك عمقا ثقافيا تربويا منذ نشأة هذه البلاد، ومتحفها قابل للتطوير، ودخول مثل هذه العناصر يقوي مكانة المتحف ويدعم رغبة الزائرين مستقبلا، ويعطي للمتحف قيمة علمية واسعة.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال