العزلة

الجمعة - 29 ديسمبر 2017

Fri - 29 Dec 2017

يعتقد البعض أن العزلة شيء مذموم وقد تضر بنا، ولكنها في حقيقة الأمر قد تكون شيئا إيجابيا للنفس ولها فوائد علاجية، إذا ما كانت اختيارية. فمفهومها هو عدم الاتصال بالجماعات البشرية لسبب أو أكثر، ويعني عدم مشاركة الفرد في شؤون الجماعة لعدم قدرته أو رغبته في ذلك.

اليوم ومن خلال الاتصال المفرط مع المجتمع أصبح بعض الناس يعزلون أنفسهم ليجددوا نشاطهم أو يمارسوا إبداعاتهم في العلم وفي البحوث التي تكون فيها إضافة للبشر، أو قد تكون لهم أسباب أخرى.

ففي العزلة نجد أناسا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فتراهم مشغولين بالعبادة بمحافظتهم على الصلوات والسنن وقراءة القرآن، والاستغفار وقت السحر والوتر، والصلاة على النبي والاستئناس بمناجاة الرب.

وقد نجد في العزلة أيضا أشخاصا يريدون التخلص من شر الناس، ومن الغيبة وسوء الظن، وانقطاع طمع الناس منهم وعنهم، والخلاص من متسلطي الألسن ومن الثقلاء منهم.

وربما يلجأ إلى العزلة أهل الحكمة، وقد تقود في حقيقة الأمر إلى الحكمة، والحكمة هي من أفضل المزايا التي إذا من الله سبحانه وتعالى بها على شخص جعله من أهلها.

فالعزلة يكون فيها نجاح معظم الأشخاص، فالباحث الذي يقوم بتطوير أو اختراع شيء ما يكون أغلب وقته في عزلة البحث والقراءة وتجميع الأفكار والتفكر، وهذه العزلة تخص أناسا سخروا أنفسهم في طلب العلم وفي إجراء البحوث ليستفاد من علومهم في حياتهم وبعد مماتهم.

أخيرا أخي وأختي، بني وابنتي، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتزل قومه ليفكر في ملكوت ربه والذي تولد عنه الوحي، فاعتزلوا فخير عزلة هي عزلة الأنبياء في التفكر والتأمل في ملكوت الله واستغلال الأوقات الثمينة بالتفرد والتجرد أمام الواحد الأحد، اعتزلوا فيما تبرعون فيه أو ينفعكم وينفع البشرية، فأفضل عزلة تكون في شرف العلم والتثقيف وكل ما ينفع النفس. اعتزلوا عما يفرضه المجتمع عليكم من عادات لا فائدة فيها ومنها، وما هي إلا مضيعة للوقت، واقضوا وقتا أكثر مع أبنائكم وأحسنوا تعليمهم ونشأتهم، واجعلوا تربيتهم كتربيتكم على العقيدة والمثابرة والحياء والاحترام والتسامح والرضا، لكي نحظى بجيل ينهض ببلاده، ويسعى لتحقيق طموحاته، جيل نفخر به.