التنمية ودعم اقتصاد المعرفة

الثلاثاء - 26 ديسمبر 2017

Tue - 26 Dec 2017

بعد خطاب خادم الحرمين الشريفين أيده الله أخيرا وإعلانه عن أكبر ميزانية لمملكة الخير لعام 1439هـ -1440هـ، نستشرف من خلال بنودها الرغبة القوية لملك الحزم وولي عهده الأمين للنهوض بمرافق الدولة وتنميتها على الأصعدة كافة، والتركيز على تنويع مصادر الدخل بتعظيم الجانب الاقتصادي وتخفيض الاستهلاك والهدر المحلي ومحاربة الفساد، وأكبر دليل على ذلك هو إطلاق 12 برنامجا لتحقيق رؤية المملكة وتخفيف الاعتماد الكلي على النفط ومساعدة المواطنين.

وأيضا أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أخيرا عن قيام مشروع مدينة «نيوم» الذي يعد أكبر مشروع يتم اعتماده بين ثلاث دول شقيقة في منطقة جغرافية استراتيجية شمال غرب المملكة وهي «السعودية ومصر والأردن»، حيث سيكون موقع «نيوم» البوابة الرئيسة لجسر الملك سلمان حفظه الله، والذي سيحقق الربط الاستراتيجي بين قارتي آسيا وأفريقيا، وسيتم إنشاء المشروع على مساحة 26 ألف كلم2 كما أعلن ذلك أخيرا، والذي سيضم أكبر مورد اقتصادي قائم على المعرفة المتعددة ومن الجنسيات كافة، حيث سيكفل إنشاء مجتمع جاذب للعقول والخبرات وينهض بالمنطقة ويلبي احتياجاتها.

فالاقتصاد القائم على المعرفة يهدف في الدرجة الأولى إلى رفع درجة التعلم والتعليم والابتكار والإبداع بكل أشكاله ليعكس في المحصلة النهائية منتجا ملموسا يتم استغلاله واستهلاكه محليا داخل الوطن، أو يتم تصديره للخارج، وبذلك تتحقق رؤية المملكة بتنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمورد اقتصادي وحيد، وبالتالي نستطيع بإذن الله تعالى أن نبني قاعدة قوية ومتنوعة من المعلومات والخبرات والتجارب السابقة.

وتوجه القيادة الرشيدة نحو التنمية من خلال الميزانية المعلنة يعد خطوة استراتيجية ناجحة تؤدي إلى تحريك العقول الوطنية ودعم القدرات الشابة لبذل المزيد من العطاء في تطوير ذواتهم ورفع سقف تطلعاتهم لما هو أفضل، وبالتالي سترتفع معدلات الرفاهية والاستقرار للمواطنين، فعصرنا الحالي أصبح يعتمد على التكنولوجيا بكافة أشكالها كمحرك رئيس للتنمية، كما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه التلفزيوني أن المملكة تعتزم وبشدة رسم خطة للتنمية المستدامة ونقل المعرفة والخبرات إلى داخل المملكة عن طريق أهم بند في الميزانية وهو التصنيع العسكري، وربط ذلك عن طريق فتح الفرص للدول الأجنبية بإنشاء المصانع العسكرية داخل المملكة لتصنيع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وعقد اتفاقيات مع الدول الرئيسة المصنعة لنقل خبراتها في ذلك.

وتعد برامج الابتعاث الخارجي للشباب السعودي من المحفزات القوية لدعم اقتصاد المعرفة، فاختلاف التخصصات الطبية والهندسية والالكترونية والاقتصادية والمالية، تعد طريقة استثمارية مثلى في عقول الشباب لنقل المعرفة الخارجية إلى داخل المملكة عن طريق المحاكاة والأبحاث والنمذجة العالمية وتطبيقها داخل الوطن، والمرحلة المستقبلية لخطة المملكة المقبلة هي التركيز على المحتوى المحلي الوطني، وأولها رأس المال البشري، فالخليط المعرفي من التخصصات الدراسية المختلفة يعمل على كسر الحواجز في التبادل الفكري والمعرفي لعمل نموذج مستقبلي ناجح أمام الشباب وخلق فرص وظيفية متعددة ومتنوعة ذات خبرات قوية وتمكين الشباب من ذلك لتحقيق رؤية المملكة 2030.