كم جاك؟!

السبت - 23 ديسمبر 2017

Sat - 23 Dec 2017

«كم جاك» أشهر سؤال تكرر خلال اليومين الماضيين سمعناه في المجالس وفي مواقع التواصل وفي قروبات الواتس اب. سؤال تفهم منه أن الأغلب منتظر أن يأخذ فقط دون عطاء، وإذا تناقشت مع أحدهم قال لك أنا أصرف على الدولة؟

الدولة صرفت وما زالت تصرف المليارات لكل موطن ومقيم في هذا البلد، وتوفر ما لا توفره أي دولة أخرى، فالمملكة توفر التعليم المجاني، وفوق ذلك يمنح الطلاب مكافآت لدراستهم في الجامعة، وفي أغلب دول العالم تأخذ الجامعات مبالغ طائلة من طلابها، لأنها تقدم لك العلم الذي لا يقدر بثمن وتمنحك شهادة كنت تحلم بالحصول عليها. في السعودية المرافق العامة: المستشفيات والحدائق والشوارع كل ذلك بالمجان، أسعار الكهرباء والماء والبنزين أسعار زهيدة جدا لا تقارن بما تفرضه أغلب دول العالم.

وفي الوقت الذي كثرت فيه الحروب والأزمات الاقتصادية والمكائد التي تتربص بهذا البلد هنا وهناك وتفرض فيه ضريبة بمبلغ زهيد جدا كنا نصرف أضعافه في الكماليات والنزهات والهياط والعزائم والزواجات تثور ثائرة البعض وترى النكران والجحود يملآن جنبات تويتر وغيره من المواقع. لماذا؟

تحملت الدولة لسنوات تكاليف الخدمات والطاقة والبلديات والمستشفيات لتمنح كل من في هذا البلد سواء مواطن أو مقيم حياة كريمة، ولكن في المقابل ماذا أخذت من المواطن والمقيم سوى النكران والجحود وتخريب الممتلكات والمتنزهات التي تنشأ اليوم وغدا تبدأ الكتابات على جدرانها أو التفحيط على «الثيل» وتكسير الإضاءة ورمي النفايات وتخريب الحمامات وغيرها من التصرفات التي تثبت لك أن الكثير لا يعلم كيف جاءت هذه المشاريع وكم أنفق عليها؟

في الجامعات والمدارس ترى التسيب وتخريب المرافق والكتابة على الجدران وتقطيع الكتب وللأسف جزء كبير من الطلبة غير مستحق للانضمام لتلك الجامعات والمدارس التي يدرس بها بالمجان، ولو كانت بمقابل لما رأيت أمثالهم إلا نادرا.

الضرائب تفرض في كل دول العالم وبدون أي تعويضات، لا حساب مواطن ولا هم يحزنون، ادفع وأنت ساكت، لأنك من تستفيد من التعليم والصحة، وأنت من تسلك الشوارع، وأنت من تستهلك الماء، أو ترمي النفايات، وعلى الرغم من ذلك لم تفرض علينا إلا ضريبة مضافة بمقدار 5% على بعض السلع والخدمات والتي تعد الأكثر انخفاضا في العالم!

من المحزن أن هناك الكثير ممن تعود على ثقافة الأخذ ولا يعرف العطاء، تجده يحسب الأيام التي تفصله عن الراتب وهو يبصم «وينحاش»، ولا يؤدي ولو ربع العمل المناط به، يريد شوارع من دون حفر ومستشفيات ومتنزهات وبلديات تأخذ نفايات منزله التي تحسب بالكيلو يوميا دون أي مقابل! يريد أن يدفع أقل تكلفة بنزين في العالم ليعطي ولده «المدلل» يهجول بالسيارة مع الشلة.

لنعلم أن الاقتصاد العالمي متغير ويمر بأزمات حادة والظروف المحيطة والحياة تتطلب أن يتحمل كل فرد مسؤولية انتمائه لهذا البلد الذي منحه الكثير وما زال يمنحه الكثير والكثير. المملكة تخوض حربا مع عصابات الحوثي الإرهابية ولا يكاد أحد يحس أو يشعر بتبعات هذه الحرب سواء كان اقتصاديا أو أمنيا، من أقصى الشمال لأقصى قرى الحد الجنوبي، والذين لولا سماعهم لأصوات المدافع لما عرفوا بهذه الحرب، والفضل والمنة لله عز وجل أولا ثم لهذا البلد وقيادته أدامهم الله.

وأخيرا أرجو من كل شخص عاقل استبدال سؤال «كم جاك؟» بـ»كم أعطيت؟» ولنتذكر دائما أن هناك من ضحى بنفسه وأهله وماله لأجل هذا الوطن.