بيعة ملك وازدهار وطن

الجمعة - 22 ديسمبر 2017

Fri - 22 Dec 2017

مناسبة سعيدة، تغمر النفوس بالفرحة والسعادة، تمر علينا هذه الأيام، تسعد أهل هذه البلاد التي أكرمها الله بأن جعلها مهد الإسلام، وهي مناسبة الذكرى الثالثة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ثلاثة أعوام مرت، ومسيرة الإنجازات والتطور مستمرة لم تتوقف، لم تألف الوهن، ولم يعرف التثاؤب طريقه إلى قادتها، فقرنوا الليل بالنهار، وواصلوا جهودهم لتطويع المستحيل وتعريف العالم بأنه لا صعب أمام الإنسان، ما دام متسلحا بالعزيمة والرغبة في التفرد.

ثلاثة أعوام مرت، وبلاد التوحيد تنتقل من نجاح إلى آخر، ومن تفوق إلى تفوق. صروح اقتصادية تم تشييدها، ومشاريع غير مسبوقة تتحول إلى حقائق، وأحلام تأخذ طريقها إلى أرض الواقع. وحدة داخلية تزداد قوة، ولحمة وطنية تشتد أواصرها منعة وصلابة، اقتصاد يشهد مرحلة تحديث وتطوير، ومجتمع ينتقل إلى واقع أفضل، ومكانة سياسية بين الدول تزداد رفعة وسموا وعلوا. كل ذلك لم يحدث نتيجة للصدفة أو ضربة حظ، بل كان نتاجا طبيعيا لتخطيط دقيق، ورؤية ثاقبة، ونظرة واقعية. بلاد كانت في السابق صحراء قاحلة استحالت إلى جنان وارفة وبيئة استثمارية يقصدها أصحاب رؤوس الأموال من أقطار الأرض كافة، بعد أن وجدوا فيها ملاذا آمنا وأمنوا فيها على أنفسهم وأموالهم.

لم تكن الثروات التي حبا الله هذه البلاد هي السبب الوحيد وراء ما تحقق حتى الآن، فكم من بلاد حولنا وهبها الله نعما مماثلة، لكنها لم تعرف طريقها نحو النمو والازدهار لسبب رئيسي، هو أنها لم تحظ بالقيادة الرشيدة التي تحول أحلام مواطنيها وتطلعاتهم إلى واقع، وهذا هو الفرق، فقد حبا الله هذه البلاد قادة ينافسون بعضهم بعضا في زيادة رفاهية الإنسان السعودي، وهو نمط من القيادة فريد، جمع حكمة الشيوخ وخبراتهم التراكمية، وحماس الشباب وطموحهم الذي لا يحده غير سقف السماء، فامتلكت بلادنا القابلية للتطور والحصانة ضد الجمود والانكفاء.

سلمان الحزم، ذلك المليك الذي امتاز بأسلوبه الفريد في الإدارة، القائم على البساطة والتلقائية والقرب من المواطنين، والرغبة في تحقيق العدالة بين كل سكان المملكة، فاختط نهج محاربة الفساد، وضرب هامة الذين اعتادوا نهب المال العام، لم يفرق بين صغير وكبير، فالكل عنده سواسية أمام القانون، والمفسد سيجد عقابه الرادع «كائنا من كان» كما قال في عبارته الشهيرة التي لم يكتف بإطلاقها بل حولها إلى فعل حقيقي أدهش البعيد قبل الغريب، لن تكفي الكلمات لإيفائه حقه، فالفعل يتجاوز الوصف، والحقيقة أكبر من أن تنقلها الأحرف.

قيادة رشيدة لم تكتف بالسعي لرفاهية مواطنيها، بل حملت على عاتقها هموم أجيالها القادمة وحقها في حياة كريمة، فوضعت خططا طموحة، تستوعب التغيرات الاقتصادية المتسارعة في العالم، وحددت ما ينبغي أن يكون عليه الوضع خلال السنوات المقبلة، لمسايرة العالم، والاستفادة مما أتاحته ثورة المعلومات، واللحاق بركب اقتصاد المعرفة، وتوطين التقنية، كل ذلك بهدف إيجاد فرص وظيفية مرموقة لشباب تسلحوا بالعلم وامتلكوا أسباب التفوق وعناصر النجاح.

ليس أمامنا من سبيل كي نقوم بواجب الحمد لله وشكره على هذه النعم الجليلة سوى تفعيل معاني الوفاء والولاء، وتحويلها من مجرد مشاعر وأحاسيس إلى طاقة جبارة، تزيد الإنتاج، وأن نواصل حماية هذه البلاد، وردع من يحاولون تهديد صفو أمنها واستقرارها، والذود عنها بأعز ما نملك، فهي تستحق ذلك وأكثر، كيف لا وهي بلاد الإسلام ومهده، وأرض الحرمين ومهبط الوحي الكريم.